في تصريح لعضو لجنة سعر الصرف السابق بـ مصرف ليبيا المركزي ، مصباح العكاري، تبرز معالم المرحلة الجديدة التي يعيشها الاقتصاد الليبي، خاصة بعد سلسلة من الإجراءات الفعالة التي اتخذها المصرف المركزي لتحسين الوضع النقدي وتسهيل الوصول إلى العملات الأجنبية. وفي هذا الإطار، أشار العكاري إلى أن الخطوة الأبرز تمثلت في تنويع قنوات الحصول على النقد الأجنبي، وهي خطوة يُعول عليها كثيرًا في دعم الاقتصاد الليبي ومواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وبحسب منشور للعكاري عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24″ ، فإن البنك المركزي قد أزال العديد من القيود السابقة التي كانت تقف عائقًا أمام التجار والمواطنين في الوصول إلى النقد الأجنبي. هذه الإجراءات تهدف إلى توفير العملات الأجنبية بشكل أكثر انفتاحًا وتسهيلًا، ما يمنح جميع ممارسي الأنشطة التجارية، سواء صغار التجار أو كبارهم، فرصة متساوية للوصول إلى العملات الأجنبية. كما شملت هذه التسهيلات الأغراض الشخصية للمواطنين، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو تحرير السوق المالية ورفع القيود عن حرية التصرف في الأموال بالعملات الأجنبية.
من بين التطورات المرتقبة، يبرز الدور الذي ستلعبه شركات الصرافة، والتي من المتوقع أن تبدأ عملياتها إما في بداية العام القادم أو في شهر ديسمبر المقبل. هذه الشركات ستكون بمثابة حلقة إضافية في سلسلة الإصلاحات الاقتصادية، حيث ستساهم في تنظيم السوق النقدية وتعزيز الرقابة على تدفق الأموال بشكل قانوني ومنظم. العكاري يرى أن هذا التطور سيؤدي إلى الحد من اعتماد التجار والمواطنين على السوق الموازية، وبالتالي تقليل حجم الأنشطة غير القانونية المرتبطة بالنقد الأجنبي.
غير أن هذه الإصلاحات لم تأتِ بدون تحديات، فالسوق الموازية التي طالما اعتمد عليها البعض كبديل للنظام المالي الرسمي، أصبحت تشكل تهديدًا أكبر في ظل تزايد استخدامها لأغراض غير مشروعة. وفي هذا السياق، أشار العكاري إلى أن السوق الموازية باتت تستخدم في تمويل توريد المخدرات والأسلحة، مما يشكل خطرًا على الشباب الليبي ومستقبل المجتمع. من هنا، تتعاظم الدعوات إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحق العاملين في السوق الموازية، مع فرض عقوبات رادعة تهدف إلى تقويض هذه الأنشطة التي تهدد أمن واستقرار البلاد.
العكاري لم يتوقف عند حدود التوصيف، بل طالب الحكومة الليبية باتخاذ موقف حازم تجاه السوق الموازية عبر إصدار قوانين تجرم العمل بها، بالإضافة إلى فرض عقوبات مشددة على المخالفين. هذا التوجه يعتبره العكاري ضرورة ملحة لمواجهة الأخطار التي تهدد استقرار البلاد، خاصة في ظل استغلال بعض الأطراف للنقد الأجنبي في تمويل الأنشطة الخارجة عن القانون. ويأمل أن تكون هذه الإجراءات الخطوة النهائية في تنظيم السوق النقدية وضمان استقرارها.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال المطروح هو مدى قدرة المصرف المركزي وشركات الصرافة على مواجهة التحديات التي تفرضها السوق الموازية، وهل ستكون القوانين الرادعة كافية لكبح جماح الأنشطة غير القانونية؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات، لكن الواضح أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جذرية في الاقتصاد الليبي قد تكون لها انعكاسات إيجابية على استقرار المجتمع ككل.