ليبيا الان

فرص ضائعة في ليبيا.. هل تستدركها التنمية الاقتصادية الشاملة؟

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

يتحدث مصباح العكاري، عضو مجلس إدارة المصرف المركزي سابقًا، عن الفرص الضائعة في ليبيا، حيث يرى أن الثروات الهائلة التي تملكها البلاد ما زالت مهدرة وغير مستغلة بالطريقة المثلى. ويؤكد العكاري أن الاستفادة الكاملة من هذه الموارد يمكن أن تحقق تحولاً جذريًا للاقتصاد الليبي، شريطة تفعيل الصناعات التحويلية وتجاوز العقبات التي تقف أمام التنمية.

يعتبر العكاري أن النفط يمثل ثروة قومية هائلة، لكنه مهدور بسبب اقتصار استغلاله على التصدير الخام دون الاستفادة من إمكانيات الصناعة التحويلية. ويشير إلى أن ليبيا تواصل تصدير النفط خامًا لتعيد استيراد المنتجات النفطية كالوقود والزيوت، ما يكبدها أموالاً طائلة كان بالإمكان توفيرها وتدويرها داخل الاقتصاد المحلي. ويرى أن الحل الأمثل لتحقيق استفادة أكبر من النفط هو تحويل جزء كبير منه إلى صناعات محلية منتجة، ما سيوفر فرص عمل ويساهم في تحقيق استقلال اقتصادي نسبي ويعزز الإيرادات الوطنية.

يمتد حديث العكاري ليشمل التنوع الجغرافي والمناخي في ليبيا، حيث تتفوق بمساحتها على دول عدة مجتمعة، من الإمارات وتونس إلى إسبانيا وإيطاليا. هذه المساحة الكبيرة تترافق مع مناخ متنوع وموارد طبيعية غنية يمكن استغلالها لتطوير الزراعة، وإقامة مشاريع سياحية وصناعية متنوعة. لكن، وللأسف، تبقى هذه الميزات غير مستغلة بالكامل، إذ تفتقر ليبيا إلى التخطيط الاستراتيجي والرؤية التنموية اللازمة لتحويل هذه الإمكانيات إلى واقع اقتصادي ملموس.

يشير العكاري إلى تجارب دول مجاورة وأخرى ذات مساحات صغيرة نسبيًا لكنها حققت نجاحًا اقتصاديًا بفضل الاستغلال الأمثل للموارد، مثل الإمارات والكويت وقطر وتونس. هذه الدول نجحت في تحويل مواردها، سواء النفطية أو غيرها، إلى مشاريع منتجة تدر عائدات ضخمة، سواء من خلال تطوير صناعات محلية أو جذب السياحة والاستثمار الأجنبي. ويعتقد العكاري أن هذه الدول تملك عنصرًا أساسيًا تفتقده ليبيا، وهو الإيمان بالوحدة الوطنية والعمل المشترك نحو تحقيق مصالح جماعية، ما جعلها تتجاوز الخلافات وتستفيد من مواردها بشكل عقلاني وفعّال.

يشدد العكاري على أن الخطوة الأولى نحو تحقيق نهضة اقتصادية في ليبيا هي التوافق الوطني، حيث أن التحديات الراهنة لا تتعلق بغياب الموارد بقدر ما هي نتيجة للانقسام والصراع السياسي المستمر. يرى العكاري أن على الليبيين الاتفاق على رؤية موحدة للدولة تُعلي من قيمة المواطنة وتضع المصلحة العامة فوق المصالح الشخصية والقبلية. بدون هذا التوافق، ستبقى موارد ليبيا مهدورة، وسيظل المواطن الليبي عاجزًا عن الاستفادة من ثروات بلاده، سواء كان ذلك في صورة وظائف أو خدمات أو رفاهية اقتصادية.

من أبرز الحلول التي يطرحها العكاري لتحقيق اقتصاد ليبي مستدام هو التحول نحو الصناعات التحويلية، وخصوصًا في القطاع النفطي. فبدلًا من الاكتفاء بتصدير النفط خامًا، يمكن لليبيا تأسيس مصانع لتحويل النفط إلى منتجات نهائية كالوقود والمواد الكيميائية التي يمكن تصديرها بأسعار أعلى. هذا التوجه لا يزيد من دخل الدولة فحسب، بل يساهم أيضًا في تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة ويوفر فرص عمل للشباب الليبيين الباحثين عن وظائف مستدامة.

يختم العكاري تصريحاته بالدعوة إلى ضرورة تبني رؤية شاملة لاقتصاد وطني متكامل، تستغل الثروات الطبيعية والمساحة الجغرافية والتنوع المناخي في ليبيا بشكل فعّال. يؤكد أن بناء اقتصاد وطني قوي يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف، ووضع خطة وطنية طويلة الأمد تستهدف ليس فقط تحقيق عائدات مالية، وإنما تحقيق التنمية البشرية ورفاهية المواطن الليبي. فالمسألة، بحسب رأيه، ليست مجرد استغلال للموارد، بل هي مشروع بناء دولة تحتضن جميع أبنائها وتتيح لهم الفرصة للاستفادة من خيراتها.

يبقى السؤال الأهم: هل تتمكن ليبيا من تحويل هذه الفرص الضائعة إلى إنجازات حقيقية تدفع الاقتصاد نحو التقدم؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد بشكل كبير على قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم وتحقيق توافق وطني يضع مصلحة الوطن أولاً. فإذا تمكنت ليبيا من تحقيق هذا التوافق، فإنها تملك كل المقومات لتصبح واحدة من أبرز الاقتصادات في المنطقة.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24