في تصريح واضح يعكس عدم الثقة التي تسود بين الأجسام السياسية في ليبيا، أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، أن المجلس لا يبدي مخاوف من الاستفتاء الذي يعتزم المجلس الرئاسي إجراءه، مشيرًا إلى أن صلاحيات الرئاسي تقيدها نصوص قانونية محددة تمنع من تجاوزه لصلاحياته الأساسية. ويعزو العرفي التصعيد الأخير إلى محاولة من المجلس الرئاسي لتمديد الأزمة عبر خلق تحركات سياسية تهدف إلى إرباك المشهد الليبي المعقد، وإلى إطالة بقاء رئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة في السلطة بطرق غير مباشرة.
يشير العرفي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، إلى أن المجلس الرئاسي، بموجب الاتفاق العام، لا يملك صلاحيات واسعة، بل تقتصر صلاحياته على مهام محددة تشمل المصالحة الوطنية وتعيين السفراء، إضافة إلى بعض المهام المتعلقة بالقائد العام للجيش. هذه التحديدات القانونية تمثل ضمانة لاستقرار العمل السياسي وتجنب تداخل الصلاحيات بين المؤسسات. ويتجلى قلق العرفي من أن المجلس الرئاسي يسعى حاليًا لاستغلال حدود هذه الصلاحيات عبر خلق كيانات جديدة مثل مفوضية الاستفتاء، التي تستند إلى صلاحيات غير منصوص عليها، وهو أمر يعتبره المجلس النواب مؤشرًا على رغبة في تمديد الأزمة وتعقيد المشهد السياسي.
يمثل إنشاء مفوضية للاستفتاء خطوة رمزية يسعى من خلالها المجلس الرئاسي إلى استكشاف آفاقٍ جديدة للعب دور أكبر في المشهد السياسي. ورغم غياب قاعدة قانونية قوية تدعم مثل هذه المفوضية، فإن الرئاسي يسعى لخلق فكرة استفتاء إلكتروني، وهو مفهوم حديث في السياق الليبي، يعزز من التوجهات الرامية إلى تكثيف الجهود لتمديد أمد الأزمة. ويعتبر العرفي هذه الخطوة بمثابة “خلط للأوراق” ومحاولة متعمدة لإثارة المزيد من الفوضى في المشهد العام.
في تعليقه، يرى العرفي أن الهدف الأساسي من تحركات المجلس الرئاسي هو إطالة بقاء رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، في موقع السلطة، مؤكدًا أن الدبيبة يسعى جاهدًا لإبقاء الوضع كما هو دون إجراء انتخابات فعلية تسمح بانتقال السلطة. ويشير العرفي إلى تصريحات الدبيبة الأخيرة، التي أفصح فيها عن نيته بعدم تسليم السلطة إلا لجسم منتخب، معتبرًا هذا التصريح دليلاً على أن الدبيبة يطمح للبقاء في الحكم لعدة سنوات أخرى، مشيرًا إلى وجود خطط طويلة الأمد لدى الدبيبة قد تمتد لخمس سنوات قادمة.
يؤكد العرفي أن البرلمان الليبي لن يتوانى عن مواجهة أية محاولة لتمديد الأزمة، مضيفًا أن المجلس يرى في التحركات الأخيرة تصعيدًا غير مقبول. ويعتبر أن مجلس النواب، باعتباره الجهة التشريعية المعترف بها، يجب أن يظل حجر الزاوية في المشهد السياسي، وأن يحافظ على سلطاته ويعمل على منع أي توجه يقوض استقرار المؤسسات أو يطيل من معاناة الشعب الليبي في هذه المرحلة الحرجة.
يأتي حديث العرفي ليضع تساؤلات حول أولويات المجلس الرئاسي ومدى استجابته للتحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد. ففي الوقت الذي تغيب فيه أي خطط واضحة لإجراء إصلاحات اقتصادية أو توفير بيئة آمنة للمواطنين، يركز الرئاسي جهوده على التحركات السياسية التي يعتبرها البعض محاولات لتعزيز حضوره في السلطة. ويثير هذا التحرك انتقادات من عدة أطراف تعتبر أن الأولوية يجب أن تركز على تحقيق الأمن والاستقرار ومعالجة التحديات الاقتصادية الملحة، لا خلق آليات سياسية تفتقر إلى قاعدة قانونية صلبة.
تستمر التحديات السياسية في ليبيا بالتعقيد يومًا بعد يوم، وسط تصريحات سياسية متباينة وتزايد الفجوة بين الأجسام الحاكمة. ومع تصاعد الانتقادات بشأن صلاحيات الرئاسي وتحركاته المثيرة للجدل، يبقى السؤال الأكبر متمحورًا حول إمكانية الوصول إلى توافق يسمح بتخفيف حدة الأزمة وإيجاد طريق نحو استقرار مستدام