ليبيا الان

تحالفات حزبية جديدة في ليبيا تعكس ضعف القاعدة الشعبية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهدٍ يعكس هشاشة الوضع الحزبي في ليبيا، تزايدت أعداد التحالفات السياسية، فظهرت منذ عام 2022 ستة تحالفات حزبية تضم نحو 95 حزباً، آخرها “الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية”، الذي تأسس في أكتوبر. يأتي هذا التوجه استجابةً لما يعتبره البعض ضرورة للاندماج، لكن عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، يرى أن هذه التحالفات مجرد انعكاس للضعف الهيكلي للأحزاب الليبية، قائلاً إن تكتل الأحزاب بات ضرورة لإثبات وجودها، لا لكونها مشاريع سياسية مستقلة أو فاعلة في المشهد العام.

يرى نصية في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن التحالفات لا تمثل تطوراً في التجربة الحزبية، بل هي انعكاس لحالة ضعف عميقة، معتبرًا أن تشكيل ائتلافات بين هذه الأحزاب ليس إلا تكتلاً شكلياً يفتقر إلى العمق السياسي، ويعدّه نوعاً من المناورة السياسية قصيرة المدى. ويعزو نصية السبب إلى ضعف البرامج الحزبية، حيث تعتمد على قضايا عامة وشعارات واسعة النطاق دون وجود خطط حقيقية تستقطب قاعدة شعبية واسعة. وهذا ما يشير إلى أن معظم الأحزاب في ليبيا نشأت بفعل عوامل مؤقتة وظروف سياسية، لا بدوافع تؤسس لوجود طويل الأمد.

وفي خضم هذا التصاعد في التحالفات، يتساءل العديد من المراقبين إن كانت هذه الائتلافات تهدف لتقوية الوضع الحزبي في البلاد أم أنها مجرد هروب من التحديات السياسية التي تعترض طريقها. يرى مراقبون أن هذه التحالفات تسعى لتقليل آثار التشتت الحزبي في ليبيا، حيث يعد التواصل مع الأطراف السياسية الحكومية تحديًا في ظل عدم استقرار المشهد السياسي. ويدافع البعض عن هذه الائتلافات كونها خطوة ضرورية لمساعدة الأحزاب في تعزيز تواجدها على الساحة السياسية.

يرى نصية، في انتقاد حاد لهذه التجربة، أن التحالفات الحزبية الناشئة لا تملك استدامة فعلية، على عكس التجربة التي قادها “تحالف القوى الوطنية”، حيث اندمجت أحزاب متعددة ضمن رؤية سياسية موحدة. ويقول إن التحالفات الحزبية الحالية تفتقر إلى القيادة الموحدة والمشروع السياسي الجامع، ما يجعلها مجرد تكتلات ظرفية تهدف إلى البقاء، دون تحقيق تأثير ملموس على أرض الواقع. ويتفق معه مراقبون آخرون، معتبرين أن هذه التحالفات قد تتحول إلى عبء سياسي، كونها لم تتأسس على مبادئ واضحة ولا تمتلك رؤى طويلة الأمد للتأثير في المجتمع الليبي.

وعلى الرغم من النظرة المتشائمة التي يقدمها نصية، يرى بعض المحللين السياسيين أن التحالفات قد تساهم في تعزيز الاستقرار السياسي. حيث يعولون على هذا التكتل لخلق كيان سياسي قوي قادر على التفاعل بفاعلية مع الأطراف الدولية والإقليمية، التي تعد طرفًا فاعلاً في الشأن الليبي. ويعتبر هؤلاء أن التحالفات قد تُشكّل منصات للتفاوض وتمكين صوت القوى السياسية الليبية على الصعيد الدولي. غير أن هذا التوجه يتطلب المزيد من التنظيم الداخلي والانضباط السياسي، وهو ما تفتقر إليه الكثير من الأحزاب حالياً.

تظل التساؤلات قائمة حول ما إذا كانت هذه التحالفات الحزبية مؤهلة حقاً للعب دور سياسي طويل الأمد، أم أنها مجرد محاولات للبقاء في الساحة السياسية حتى إشعار آخر. يعتقد نصية أن تحقيق استقرار سياسي حقيقي يتطلب أحزاباً قائمة على مبادئ واضحة ورؤى سياسية متماسكة، بدلاً من الاعتماد على ائتلافات مؤقتة لا تمتلك قاعدة جماهيرية حقيقية. ويرى أن بناء قاعدة شعبية قوية يتطلب برامج ملموسة تلامس احتياجات المواطنين، وليس مجرد شعارات عامة تفتقر إلى تطبيق عملي على الأرض.

يبقى مصير التحالفات الحزبية في ليبيا مرهونًا بمدى قدرتها على تحقيق الاستقرار وتقديم رؤى واضحة، قادرة على جذب القاعدة الشعبية. وما بين آراء المشككين والداعمين، تبقى ليبيا في حاجة إلى مؤسسات سياسية ذات طابع متماسك، تستطيع التغلب على التحديات الراهنة وتقديم حلول تتماشى مع تطلعات الشعب. وفيما يتطلع الشعب الليبي إلى حكومة مستقرة ومتماسكة، لا تزال التجربة الحزبية الناشئة تبحث عن هويتها في ساحة سياسية مضطربة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24