دعم الحكومة الليبية للبلديات: توحيد الرؤية والتمكين المحلي
في الندوة العلمية التي عُقدت في بنغازي، برزت تصريحات رئيس الحكومة الليبية، الدكتور أسامة حماد، حيث أكد أن توطيد الدعم المالي للبلديات ومساندة الإدارة المحلية يمثلان حجر الزاوية في استراتيجية حكومته للعام 2025. جمعت الندوة نحو مائة رئيس بلدية من مختلف أنحاء ليبيا في حوار استثنائي، إذ تم استعراض سبل التعاون والتكامل بين الحكومة والبلديات لتحسين الخدمات والبنية التحتية، بعيدًا عن الانقسامات التي لطالما عصفت بالبلاد.
أوضح حماد أن الحكومة الليبية تعمل جاهدة على سد احتياجات المواطنين بلا تمييز. وتبرز هنا جهوده في ضمان وصول الدعم المالي لكافة البلديات، مؤكدًا التزامه بتجاوز التحديات الناجمة عن الظروف الجوية المتقلبة وارتفاع المياه الجوفية، حيث بادرت الحكومة بمعالجة تلك الأزمات عبر تزويد المجالس البلدية بالموارد الضرورية. كما ركز حماد على البعد القومي لرؤية حكومته، قائلًا إن الهدف الأساسي هو التكاتف وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين كافة، دون الاستجابة لأي تجاذبات جهوية أو انقسامات سياسية.
أحد النقاط التي تناولها حماد بشغف كان دور صندوق التنمية وإعادة الإعمار، إذ أشار إلى أن عجلة التطوير بدأت تدور على كامل الأراضي الليبية، مع دخول العديد من الشركات المحلية والدولية في مشروعات بنية تحتية تُنفذ وفق أعلى معايير الجودة. ووفقًا لحماد، فإن هذه المشروعات تعكس الطموح الوطني بتقديم كل ما يحتاجه المواطنون ضمن إطار زمني يتسارع لضمان عدم تفويت الفرص التنموية.
وأوضح أن الحكومة تستند إلى صندوق الإعمار في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن الدعم المستمر لهذه المشروعات سيعزز الثقة بين المواطن والحكومة. وأثنى حماد على مدير عام الصندوق والفرق المصاحبة لجهودهم المثمرة، معبرًا عن تطلعه لتحقيق الأهداف التي تواكب الرؤية الوطنية لعام 2025.
أما على صعيد البنية الإدارية، شدد حماد على ضرورة اتباع الإجراءات الشرعية في إدارة البلديات، مع دعم الحكومة خيار الانتخاب المحلي، حيث تم انتخاب نحو 17 مجلسًا بلديًا مع التخطيط لإتمام انتخاب 60 مجلسًا آخر، ليصبح للمواطن حق الاختيار في مجالس محلية تمثله بجدارة. أكد حماد أن هذه الخطوة تعزز مبادئ الديمقراطية والشفافية، مما يخلق بيئة مؤسسية قائمة على التداول السلمي للسلطة، ويحد من الانقسامات والازدواج الإداري.
فيما يتعلق بالمجلس الرئاسي المنتهي الولاية، انتقد حماد قرارًا اعتبره “انتهاكًا للصلاحيات” عندما سعى لإقامة كيان موازٍ لمفوضية الانتخابات، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تقوّض الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المؤسسي وتعزز الانقسام الإداري. وأضاف أن هذا القرار يهدف لبث الفوضى ويشكل تهديدًا على الجهود الرامية لإرساء تداول سلمي للسلطة في ليبيا.
وحول دور الحرس البلدي، لفت حماد إلى أهمية دعم هذه المؤسسة لأداء مهامها في ضبط النظام العام، وتطبيق الاشتراطات الصحية في الأسواق والمحلات، مع مواجهة التعديات على الممتلكات العامة. وأوضح أن الحكومة تعمل عبر وزارة الحكم المحلي على توفير القرارات التي تسهم في رفع كفاءة الأداء البلدي. وأضاف أن جهود تدريب الكوادر البشرية والإشراف على الأنظمة الإدارية تهدف إلى إعداد البلديات لتطوير قدراتها على استيعاب ميزانيات تخدم مصالح المواطنين.
في ختام حديثه، أعرب حماد عن أهمية عقد لقاءات منتظمة بين الحكومة والبلديات لبحث التحديات ومناقشة الأولويات، مؤكدًا أن الحكومة مستعدة للاستماع والتفاعل مع احتياجات البلديات وتوجيه وزارة الحكم المحلي لحل القضايا التي تواجه البلديات. واعتبر أن هذه اللقاءات ستحقق التعاون المثمر، الذي سيعود بالفائدة على المجتمع الليبي ككل.