ليبيا الان

الطرابلسي يكشف “إمبراطوريات التهريب” ويضع حكومة الدبيبة في قفص الاتهام.. من يحمي الفساد؟

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في بلد يعاني من أزمات متلاحقة وفساد مستشرٍ، تتساءل الجماهير عن السبب الحقيقي وراء هذه الفوضى، وعن دور حكومة الدبيبة منتهية الولاية، خصوصًا في ظل تزايد عمليات تهريب الوقود وتفاقم الأزمة الاقتصادية. فهل فقدت الحكومة السيطرة؟ أم أن هناك علاقة مع شبكات الفساد التي تنخر الاقتصاد الوطني؟

يشهد قطاع الوقود أزمة متفاقمة، إذ يتم استيراد كميات هائلة من البنزين والديزل بشكل يومي، ومع ذلك، يجد المواطن نفسه مضطرًا لشراء الوقود بأسعار مضاعفة على السوق السوداء. وقد صرّح عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف في حكومة الدبيبة منتهية الولاية، في مؤتمر صحفي تابعته “أخبار ليبيا 24” أن “ليبيا تستهلك أكثر من 680 مليون لتر بنزين شهريًا”، وأن البلاد تستورد عشرات الناقلات من الوقود يوميًا، لكن التهريب المستمر يعيق حصول المواطن على هذه الموارد الضرورية. يعزو الطرابلسي تفاقم التهريب إلى امتلاك بعض الأطراف وسائل نقل وقود وسيارات بلا ضوابط، مما يجعلهم يتلاعبون بالإمدادات دون رادع.

أشار الطرابلسي إلى أن تهريب الوقود ليس مجرد قضية اقتصادية، بل “صناعةٌ” تدرّ أرباحًا طائلة لبعض الجهات، والتي تحوّلت إلى إمبراطوريات داخلية بفعل التهريب. وأضاف بأن عمليات التهريب تدرّ مبالغ ضخمة تذهب إلى جيوب بعض العائلات الثرية، ولا تتردد في تقديم الرشاوي لمسؤولين من أجل حماية مصالحهم، مؤكدًا أن ليبيا أصبحت مرتعًا للفاسدين. هنا يبرز السؤال: أين دور الحكومة في وقف هذا الاستنزاف، خاصة وأن الطرابلسي نفسه يعترف بوجود شبكات فساد قوية تعرقل جهود الإصلاح؟

أحد أبرز التحديات التي تواجه وزارة الداخلية في ليبيا هو انتشار السلاح خارج نطاق الدولة، حيث أصبح من يحمل سلاحًا وسيارتين قادرًا على فرض سيطرته على محطات الوقود دون أي محاسبة. وقد صرح الطرابلسي بوضوح أن “انتشار السلاح سبب لنا مشكلة كبيرة في طرابلس والمناطق المحيطة”، مما يزيد من صعوبة تطبيق القوانين وتسهيل عمليات التهريب. هذا الواقع الأمني الهش يدفع الكثيرين للتساؤل عن مدى قدرة الحكومة على فرض سيادتها، خاصة مع وجود قوات متعددة الانتماءات والأجهزة شبه العسكرية التي تعمل بشكل مستقل، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

لم تقف أزمة الوقود عند عمليات التهريب فقط، بل طالتها أيضًا سوء الإدارة، حيث يتم توزيع الكميات المستوردة بشكل غير متناسب بين المناطق. فعلى سبيل المثال، لا تحصل العاصمة طرابلس سوى على 1% من الكيروسين المتوفر في ليبيا، ما أثار دهشة الطرابلسي الذي استنكر هذا التوزيع. كما أن الوزارة عمدت إلى إغلاق بعض المحطات التي لا تلتزم بتقديم الخدمات للمواطن، في خطوة اعتبرها الكثيرون خطوة متأخرة وغير كافية.

تعتبر خسائر الاقتصاد من تهريب الوقود فادحة، إذ تقدر بمليارات الدينارات سنويًا. يُحمل هذا الاستنزاف خزينة الدولة تكاليف إضافية، مما يؤدي إلى رفع معدلات التضخم وازدياد الأزمة المالية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطن الليبي. فالأموال التي تُهدر على دعم الوقود تُستخدم في النهاية لإثراء بعض التجار الذين يبيعون الوقود في السوق السوداء، في حين يبقى المواطن العادي يعاني من غياب الخدمات الأساسية. ويصبح السؤال الأهم: ما الجدوى من هذه الحكومة التي لا تستطيع أن تؤمن للمواطن وقودًا بأسعار معقولة؟

الفساد لم يقتصر على التهريب أو التلاعب بأسعار الوقود في السوق السوداء، بل يمتد إلى عقود نقل الوقود وتوزيعه. فالطرابلسي أشار إلى مشكلة الإضرابات والاعتصامات التي تقوم بها شركات النقل، مهددًا بمصادرة سياراتها إن لم تلتزم بنقل الوقود، في محاولة لفرض النظام. ورغم أن بعض الأطراف تتهم الشركات ومدراءها بالتورط في التهريب، فإن الوزير يرى أنهم مجرد ضحايا للتلاعب، مما يعكس الفوضى في الإدارة العامة وعدم كفاءة الحكومة في ضبط العمل المؤسسي.

وفي ظل هذا التدهور الاقتصادي والأمني، دعا الطرابلسي إلى تعزيز مفهوم “الأمن المجتمعي” حيث يتطلب ضبط التهريب تعاون المواطن في الإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة. ويؤكد الطرابلسي أن هذا النهج التشاركي هو أحد الحلول الممكنة لمواجهة الفساد الذي بات يغزو البلاد على مستويات عدة. ولكن، هل يكفي الأمن المجتمعي وحده لمعالجة أزمة بهذا الحجم، أم أن هناك حاجة إلى استراتيجية أعمق تشمل إعادة هيكلة المؤسسات وتوحيد الأجهزة الأمنية؟

إن فشل حكومة الدبيبة في السيطرة على تهريب الوقود وإدارة موارد الدولة يثير تساؤلات عديدة حول علاقاتها مع شبكات الفساد. هل تستفيد الحكومة من هذه الأنشطة بشكل غير مباشر؟ أم أن الضغط السياسي يحول دون اتخاذ إجراءات حازمة؟ وتطرح هذه التساؤلات من قبل المواطن الليبي الذي بات يعاني من تفاقم الأوضاع دون أي أفق واضح للحل.

تعيش ليبيا اليوم في ظل فوضى مستمرة على صعيد الاقتصاد والأمن، مع تزايد الشكوك حول قدرة حكومة الدبيبة على توفير أبسط الخدمات للمواطنين. فالأزمات التي تعصف بقطاع الوقود والتسيب في الإجراءات التنفيذية تعكس ضعفًا واضحًا في أداء الحكومة وتجاهلًا لمطالب الشعب. ومن هنا، يصبح الشعب الليبي أكثر إلحاحًا في مطالبته بمساءلة هذه الحكومة، والضغط من أجل إصلاحات جذرية تعيد للدولة هيبتها وتحافظ على مواردها.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24