تواجه ليبيا أزمة مالية حادة تتجلى في عدم كفاية الأموال لتغطية رواتب العاملين في القطاع الحكومي لشهر أكتوبر، وهو ما يراه النائب علي الصول تهديداً خطيراً للوضع المالي والاقتصادي في البلاد. وفي تصريحات لوسائل الإعلام، حمّل الصول المحافظ السابق للمصرف المركزي، الصديق الكبير، مسؤولية ما وصفه بإخفاقات السياسات النقدية التي انتهجها أثناء فترة توليه منصبه، والتي تضمنت صرف أموال لحكومة الدبيبة، ما يراه سبباً رئيسياً في العجز الحالي.
في حديثه عن الأوضاع المالية، أشار الصول إلى ضعف الموارد المالية في الدولة وعجزها عن تلبية متطلبات المرتبات الشهرية، مؤكداً أن هذا النقص يمثل إشارة إنذار للوضع الاقتصادي في البلاد. وتأتي هذه التصريحات في وقت تضاعفت فيه ميزانية الباب الأول المخصصة للمرتبات سنوياً، ما يعكس واقعاً يشير إلى عبء مالي متزايد لا يقابله نمو اقتصادي كافٍ. ويرى الصول أن استمرارية هذا العبء تتطلب إعادة نظر شاملة في الأرقام الوطنية وضرورة معالجة مسألة الازدواجية الوظيفية.
ويعتقد الصول أن الصديق الكبير، الذي شغل منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي سابقاً، يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، إذ أشار إلى أن سياسات الكبير قد ساهمت في تردي الأوضاع الحالية، ولا سيما أنه خصص أموالاً ضخمة لحكومة الدبيبة، والتي تُتهم بكونها غير شرعية ومنتهية الولاية. هذه التصرفات يرى الصول أنها أضرت بالاقتصاد الليبي، حيث يرى أن الاستنزاف المالي دون تخطيط مناسب أدى إلى هذا الوضع المالي المتردي.
مع تزايد العجز المالي، يبرز تساؤل حتمي حول الحاجة إلى إصلاحات جذرية في النظام المالي، خاصة في ملف المرتبات الذي يزداد سنوياً دون وجود خطوات فعلية لمراقبة الكفاءة الوظيفية ومكافحة الفساد الوظيفي. ويعتقد الصول أن هناك ضرورة لتحسين الكفاءة الوظيفية من خلال مراجعة الملفات الوطنية وتنقية الدفاتر من الازدواجية، حيث أن الكثير من الموارد تذهب لرواتب موظفين مزدوجي الوظائف، وهي مشكلة تؤرق الاقتصاد وتستنزف الموارد بشكل لا يعكس حاجة فعلية.
أشار الصول أيضاً إلى وجود توجهات وضغوط من بعض الدول الغربية تهدف إلى دفع ليبيا نحو الاقتراض من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، مشيراً إلى أن هذه الضغوط قد تزيد من عبء الديون الخارجية على كاهل الدولة الليبية. ويرى أن الاعتماد على الاقتراض الدولي، رغم ما قد يوفره من حلول مالية مؤقتة، قد يجعل ليبيا عرضة للتحكم الاقتصادي من الخارج، مما قد يزيد من حالة التبعية الاقتصادية ويضعف سيادة القرارات المالية.
إن تداعيات الأزمة المالية لا تقتصر فقط على الاقتصاد، بل تمتد لتشمل أبعاداً سياسية واجتماعية. فعدم صرف المرتبات قد يؤدي إلى غضب شعبي وزيادة في الاحتقان الاجتماعي، في حين أن التوترات السياسية القائمة بين الجهات الحكومية المختلفة قد تزداد حدةً نتيجة لهذه الأزمة. ويعتقد الصول أن الأزمة المالية الحالية قد تكون بمثابة اختبار حقيقي للمؤسسات الليبية ومدى قدرتها على إدارة الأزمات بفعالية ودون الاعتماد على التمويلات الخارجية.
في ظل هذا الوضع المعقد، يرى الكثير من المراقبين أن ليبيا تواجه مستقبلاً اقتصادياً غامضاً، حيث تحتاج الحكومة إلى إجراء إصلاحات عميقة وجذرية في النظام المالي، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد الوظيفي. كما أن الحاجة إلى تنمية قطاعات اقتصادية أخرى وتقليل الاعتماد على النفط، الذي يعد المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد، باتت ضرورة لضمان استدامة النمو الاقتصادي.