اختطاف مصطفى الوحيشي في طرابلس: بين تحديات الأمن واستحقاقات المسؤولية الحكومية
في خضم الفوضى الأمنية المتزايدة التي تشهدها العاصمة طرابلس، برزت قضية اختطاف العميد مصطفى الوحيشي، مدير إدارة الأمن بجهاز المخابرات، كحادثة لافتة تمثل تحدياً لسلامة المواطنين، وتختبر مرة أخرى مدى جاهزية حكومة الدبيبة منتهية الولاية لضبط الأمن والسيطرة على العصابات المسلحة التي تقتحم بنفوذها أركان الدولة. استنكر المجلس الأعلى لثوار الزنتان، معبرًا عن الغضب الشعبي والقلق المتصاعد من تقاعس حكومة الدبيبة، وعدم قدرتها على التصدي لمثل هذه الجرائم التي تهدد كيان البلاد وأمنها.
في بيان رسمي، أعرب المجلس الأعلى لثوار الزنتان عن استنكاره الشديد للحادثة، مؤكدًا أن هذا الفعل الجبان لا يمثل مجرد جريمة عادية، بل يشكل تحديًا مباشرًا لحكومة الدبيبة وللأجهزة الأمنية في طرابلس، إذ إن اختطاف أحد كبار الضباط في جهاز الأمن يعكس ضعفًا واضحًا أمام العصابات الإجرامية، التي أصبحت تتجرأ على اقتحام أمن المواطن وترويع الشخصيات الأمنية التي تعمل ليل نهار في خدمة الوطن. كما أشار المجلس إلى ضرورة التحرك العاجل للحكومة، محذرًا من أن عدم اتخاذ التدابير اللازمة سيكون له تبعات كبيرة.
يأتي هذا الاختطاف في ظل تزايد أعداد حوادث الخطف والاغتيالات التي تستهدف شخصيات أمنية وسياسية، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة حكومة الدبيبة منتهية الولاية في الحفاظ على الأمن في العاصمة، التي تشهد بؤرًا متعددة من العنف والانفلات الأمني. بحسب شهود عيان، شهدت الساحة أمام مقر جهاز المخابرات تحشيدات عسكرية عقب حادثة الاختطاف، حيث تجمعت ميليشيا الردع في محاولة لتهدئة الموقف وتوفير حماية جزئية للمنطقة.
هذه الحادثة ليست مجرد واقعة عابرة، بل تشكل اختبارًا حقيقيًا لحكومة الدبيبة التي تتعرض لضغوط شعبية متزايدة؛ خاصة وأن المجلس الأعلى لثوار الزنتان أشار في بيانه إلى استعداده للتحرك المباشر في حال لم تتخذ الحكومة خطوات جدية لإعادة الوحيشي إلى أهله وأصدقائه.
شدد المجلس على أن عملية الاختطاف لا تستهدف الوحيشي وحده، بل تستهدف المؤسسة الأمنية كلها، وتنذر بتداعيات خطيرة على استقرار البلاد، مما يستدعي استجابة حازمة وحازمة من قبل الحكومة والأجهزة المعنية. ودعا المجلس كافة الأطراف إلى التضامن والتعاون لمواجهة هذه العصابات التي تعمل على تقويض الاستقرار من خلال أعمالها الجريئة التي لا تراعي أي اعتبار قانوني أو إنساني.
أعضاء جهاز المخابرات من جهتهم أصدروا بيانًا يندد بالجريمة، محذرين من تداعياتها الخطيرة على الأمن القومي، حيث ذكروا أن الاختطاف جاء على خلفية التحقيقات الجارية في قضايا تمس الأمن القومي، مما يؤكد أن العملية لم تكن صدفة أو وليدة لحظة، بل عملية مدبرة وممنهجة.
رغم أن حكومة الدبيبة لم تصدر بيانًا رسميًا بشأن الحادث، إلا أن صمتها أثار استياءً شعبيًا واسعًا، وسط دعوات إلى اتخاذ قرارات فورية وحاسمة تضمن سلامة الوحيشي وتعيد الثقة في الحكومة. المجلس الأعلى لثوار الزنتان وجه تحذيرًا صريحًا للحكومة من مغبة التقاعس عن التصدي لهذه الظاهرة، معتبرين أن الأمن لا يتحقق بالشعارات والخطابات، بل يتطلب أفعالاً حقيقية تردع مثل هذه الأعمال وتمنع تكرارها.
وقد انتشرت مخاوف بين الأهالي بشأن سلامة الوحيشي، خاصة وأنه أحد أبناء الزنتان المعروفين بوطنيتهم وكفاءتهم، حيث تخرج من كلية الشرطة ضمن دفعة مميزة، وامتاز بسيرته المهنية التي خدم من خلالها بلاده بكل إخلاص، ما جعله هدفًا لبعض الأطراف التي تخشى سطوع نجم الضباط الأكفاء في ظل ضعف دور الحكومة في حماية من يسعون لإرساء قواعد الأمان.
وفي خطوة قد تكون مؤثرة، أعلن المجلس الأعلى لثوار الزنتان عن استعداده للتحرك بكل الوسائل المتاحة لضمان عودة الوحيشي، وأكد أن أبناء المدينة لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء هذا الحدث المؤلم. ويُعد هذا البيان بمثابة إنذار لحكومة الدبيبة، حيث أشار المجلس إلى أنهم مستعدون لتصعيد الأمور واستخدام القوة إذا لزم الأمر.
الشعب يقف حائرًا بين أمل عودة الأمن، ويأس الواقع المرير الذي يعيشه في ظل غياب الحماية، وفقدان الأمان الشخصي في ظل تزايد معدلات الجريمة واستمرار العصابات الإجرامية في بث الفوضى والرعب. وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن تحقيق العدالة، يجد نفسه محاصرا بخطر يومي، حيث بات الشعور بعدم الأمان جزءا من الحياة اليومية في طرابلس.
يظل مستقبل الوحيشي مجهولا في ظل التوتر المتصاعد، لكن آمال الزنتان وأسرته وأصدقائه وكل من يعمل في جهاز المخابرات الليبية تتجدد يوميا بأن تستعيد البلاد وجهها الأمني المستقر، وأن يتم تحرير المختطفين، وبأن تنجح الجهود الحكومية في كسر شوكة العصابات التي تسعى لتفكيك مؤسسات الدولة.