ليبيا الان

تكالة يفوز برئاسة مجلس الدولة وسط مقاطعة مؤيدين للمشري

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

شهد مجلس الدولة، تطورًا محوريًا حين أعلن محمد تكالة فوزه بـ انتخابات هيئة رئاسة المجلس بحصوله على 55 صوتاً من أصل 70 مشاركاً، في جلسة واجهت تحديات قانونية ومقاطعة من جانب أعضاء داعمين لرئيس المجلس خالد المشري. وقد أُجريت الانتخابات في ظل غياب عدد من الأعضاء الرئيسيين، ما أثار تساؤلات حول مصداقية وشرعية العملية الانتخابية.

ترشح لمنصب رئيس مجلس الدولة ثلاثة أسماء رئيسية، وهم محمد تكالة ونعيمة الحامي وإدريس بوفايد، وتفاوتت نتائج التصويت بشكل ملحوظ؛ حيث حصل تكالة على 55 صوتًا، فيما نالت الحامي 8 أصوات، و5 أصوات ذهبت لبوفايد، مع تسجيل ورقتين بيضاء. تأتي هذه الأرقام لتؤكد انقسامات واضحة بين أعضاء المجلس، إذ قاطعت الجلسة مجموعة كبيرة من الأعضاء الداعمين لخالد المشري، الذين يرون في تكالة مرشحاً غير توافقي.

في خطوة تطرح المزيد من الأسئلة حول مستقبل مجلس الدولة، أبلغت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا محمد تكالة رفضها الاعتراف بشرعية الجلسة الانتخابية، مبررة هذا القرار بكونها لم تحقق النصاب القانوني الكامل. ووفقاً لتصريحات أحد أعضاء المجلس وتناقلته وسائل إعلام محلية، فإن النصاب المطلوب في مثل هذه الجلسات يتطلب حضور ما لا يقل عن نصف الأعضاء +1، أي نحو 73 عضواً، فيما لم يتجاوز عدد الحاضرين 70 عضواً.

ويعد هذا الرفض الأممي بمثابة دعم ضمني للمشري، الذي تمكن في الماضي من الحفاظ على توازن حساس داخل المجلس، وتكوين علاقات وثيقة مع المؤسسات الدولية، خاصة في مساعي التفاوض على حلول للأزمة الليبية الشاملة. وعلى الرغم من الانقسام الداخلي، تبقى الأمم المتحدة مهتمة بإبقاء مجلس الدولة فاعلاً لتحقيق استقرار سياسي، وإن بدا اليوم تحت ضغوط تشريعية وإدارية من قوى داخلية.

في جلسة أخرى انعقدت بعد انتخاب تكالة، تمت إعادة انتخاب بالقاسم دبرز كمقرر لمجلس الدولة، حيث حصل على 48 صوتاً مقابل 16 لعبد الفتاح الحبلوص. أما منصب النائب الثاني فقد ذهب لموسى فرج، الذي نال 42 صوتاً. كما انتُخب مسعود عبيد نائباً أول لتكالة، في خطوة توحي باستمرارية معينة داخل مكتب الرئاسة، لكنّها تظل بعيدة عن حالة التوافق التام.

جاءت هذه التعيينات بعد جلسة وصفتها بعض المصادر بالمتوترة، حيث شهدت مقاطعة من 72 عضواً، مما يعكس الانقسامات الداخلية العميقة. ووفقاً لعضو مجلس الدولة عبدالسلام الصفراني، فإن هذا الانقسام يعكس رغبة أعضاء المجلس في تجنب الحلول الأحادية والتركيز على التوافق، لكنه أيضاً يظهر افتقار المجلس إلى آليات فعّالة تضمن عقد جلسات قانونية بتمثيل شامل.

من جهة أخرى، أثارت اللجنة القانونية بمجلس الدولة مخاوف حول نزاهة هذه الجلسات. ففي تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، قال رئيس اللجنة عادل كرموس إنّ الانتخابات خلت من عنصر الشفافية المعهود، حيث لم يتم بث الجلسة على الهواء مباشرة، مما ترك شكوكاً حول مصداقية نتائجها. كما انتقد كرموس رفض تكالة للحلول التوافقية، معتبرًا أن رئيس المجلس المنتخب حديثاً تجاهل الرأي القانوني الذي قُدم له من غالبية الأعضاء بضرورة التزام الشفافية.

ويشير هذا الموقف إلى تحديات إضافية تنتظر تكالة، الذي يواجه ليس فقط مهمة تسيير شؤون المجلس، بل أيضًا استعادة ثقة الأعضاء المعارضين له، والعمل على تحسين صورة المجلس أمام الرأي العام الليبي والمجتمع الدولي.

مع تجدد الانقسامات بين مؤيدي تكالة والمشري، يجد مجلس الدولة نفسه في مأزق استراتيجي. إذ تتنامى المخاوف من إمكانية تفكك المجلس وفقدانه لدوره الحيوي في المشهد السياسي الليبي، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقها عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي، والذي أشار إلى أن إطالة أمد الانقسام سيضعف المجلس ويدفع الأطراف الدولية للتوجه نحو انتخابات جديدة.

كما يرى الشركسي أن انقسام المجلس يعزز قوة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، التي تملك حلفاء مؤثرين في العاصمة طرابلس. هذا النفوذ المتنامي للدبيبة يجعل المجلس الرئاسي مجرد أداة بيد الحكومة، غير قادر على تأدية دور حقيقي في الحوار السياسي، حيث يتعرض لضغوط من أجل تنفيذ سياسات تصب في صالح السلطة التنفيذية.

وفيما تتعقد المشهدية السياسية في طرابلس، يبقى احتمال الحل التوافقي ضئيلاً، إذ يبدو أن سلطات طرابلس لن تسمح بعودة المشري لرئاسة المجلس، وستسعى إما لإبقاء تكالة أو المضي نحو انتخابات جديدة. من ناحية أخرى، قد يواجه تكالة تحديات كبيرة في حال رغب في استعادة شرعية منصبه دولياً، خاصة إذا استمرت الأمم المتحدة في رفضها للاعتراف بالجلسة.

ويبقى مجلس الدولة بتركيبته المعقدة وأعضائه المتباينين، مكوناً مهماً في العملية السياسية. فمع دوره التقليدي كمعارض قوي لمجلس النواب، تمكن المجلس من إحداث توازن في عدة ملفات، لكن هذا الدور مهدد اليوم بفعل التصدع الداخلي.

أما في حال فشل تكالة في تحقيق النصاب مستقبلاً، فقد يصبح المجلس معطلاً عن أداء دوره، وقد يفسح المجال للبحث عن بدائل في المنطقة الغربية. لكن هذا الخيار سيظل صعب التحقيق في ظل الظروف الراهنة، حيث يفرض التداخل بين القوى السياسية وصراعات النفوذ على الساحة الليبية تعقيدات كبيرة أمام كل من يرغب في الهيمنة على السلطة التشريعية.

إن فوز تكالة برئاسة مجلس الدولة يعد خطوة مهمة، لكنها تبقى رهينة بمدى قدرته على التوافق مع الأعضاء المعارضين له. وفي ضوء رفض الأمم المتحدة لشرعية الجلسة، يبدو أن تكالة أمام طريق صعب مليء بالتحديات، التي تتطلب منه ليس فقط الاستجابة لضغوط الأطراف السياسية، بل العمل على توحيد المجلس كي لا يفقد دوره كركيزة أساسية في مشهد سياسي مضطرب.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24