ليبيا الان

انقسام مجلس الدولة يهدد دوره ومستقبله السياسي الحرج

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

التحديات المتصاعدة أمام مجلس الدولة: بين الانقسام الداخلي والضغوط الخارجية

يشهد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا واقعًا متأزمًا يتنامى فيه الانقسام، حيث تتصاعد التصريحات والتحذيرات من تأثير الخلافات الداخلية على دوره السياسي. أحمد الشركسي، عضو ملتقى الحوار السياسي، عبّر عن مخاوفه من أن استمرار هذا الانقسام قد يودي بالمجلس إلى حالة من “التآكل” تفقده فعاليته على الساحة السياسية الليبية، التي لطالما احتاجت إلى استقرار المؤسسات الوطنية لدعم عملية الانتقال السياسي المعقدة.

الانقسام ومخاوف تلاشي الدور السياسي للمجلس

تتزايد الانقسامات بين أعضاء مجلس الدولة، بين مؤيد لرئيسه الحالي خالد المشري وآخرين يسعون إلى تغييره لصالح شخصيات أخرى مثل محمد تكالة. هذه الخلافات تُظهر تعمق الانقسامات السياسية التي تهدد بإضعاف مجلس الدولة كطرف سياسي مؤثر. وفي هذا السياق، اعتبر الشركسي أن الانقسامات قد تجعل المجلس عرضة للتفكك، وهو سيناريو سيكون له أثر سلبي على أي اتفاقات أو مبادرات سياسية مستقبلية.

يرى الشركسي أنَّ البعثة الأممية لن تسمح بتفكك مجلس الدولة بسهولة، خاصة وأنها تعتبره جهة معارضة لسياسات البرلمان، حيث كان له موقف رافض من الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، لا يُخفي الشركسي أن البعثة تدرك أهمية وجود مجلس الدولة كمؤسسة فاعلة، إذ إن اختفاءه سيترك فراغًا يُمكّن البرلمان من السيطرة على المشهد السياسي دون رقابة، مما قد يُعيد النزاع إلى الساحة ويؤثر على الاستقرار الهش في ليبيا.

البدائل المتاحة وموقف الرئاسي

وبالنظر إلى القوى السياسية في المنطقة الغربية، يبدو أن الرئاسي لا يقدم نفسه كبديل قوي، إذ يُنظر إليه كأداة تابعة لحكومة الدبيبة، التي تستغل التوترات القائمة لفرض سياساتها دون عوائق. ووفقًا لتصريحات الشركسي، يتحرك الرئاسي بوضوح تحت توجيهات الدبيبة، مما يعزز الشكوك حول دوره كوسيط نزيه. وقد ظهر ذلك جليًا في أزمة المركزي الليبي، حيث عمل الرئاسي والدبيبة كطرفين يسعيان لتقاسم النفوذ بدلًا من إيجاد حلول ناجعة.

إن غياب استقلالية الرئاسي وتبعيته لحكومة الدبيبة يعزز مخاوف الشركسي من أن السلطة التنفيذية تتجه نحو تكريس هيمنتها على المؤسسات الأخرى، بما فيها مجلس الدولة. ويُعد هذا الانحراف خطرًا يهدد مبادئ الشراكة والتوازن في الدولة الليبية، خاصة في غياب رقابة فعلية من المجلس على السلطة التنفيذية.

حكومة الدبيبة وتسريع الدعم الانتخابي: مسار نحو الهيمنة؟

تسعى حكومة الدبيبة إلى ترسيخ نفوذها عبر دعم شخصيات موالية في أي انتخابات أو مشاورات سياسية داخل مجلس الدولة أو خارجه، وذلك لضمان وجود موطئ قدم قوي يدعم سياساتها. ويتوقع المراقبون أن تعمل الدبيبة على استثمار نفوذها الحالي لتعزيز فرص فوز مرشح حليف في أي انتخابات مقبلة، سواء كانت في مجلس الدولة أو غيره.

ويشير الشركسي إلى أن حكومة الدبيبة تمتلك شبكة من الحلفاء ستعمل عبرها لضمان التزامهم بأي توجهات تُعزز من بقاء نفوذها السياسي. ومع تعقيدات الوضع السياسي في طرابلس، فإن احتمالية إجراء انتخابات نزيهة قد تكون بعيدة المنال، خاصة في ظل هذه المناورات.

الضغط القضائي والأطراف الفاعلة في طرابلس

يشير الشركسي إلى أن التحديات القضائية لا تزال عقبة تواجه الأطراف الفاعلة في العاصمة، حيث تتجنب بعض القوى السماح لخالد المشري بالعودة عبر القضاء، كون عودته ستعرقل خططهم، وستفرض توازنًا سياسيًا قد لا يتماشى مع طموحاتهم. ووفقًا لتقديرات المحللين، فإن تلك الأطراف ستسعى إلى إما إبعاد المشري عبر القضاء أو التوجه نحو انتخابات جديدة تسهم في اختيار قيادات جديدة تخدم مصالحهم.

ويظهر من تحليل الشركسي أن الأطراف في طرابلس لن تسمح بعودة مجلس الدولة للانعقاد تحت رئاسة المشري، بل ستضغط لتحقيق حلين؛ إما عقده برئاسة تكالة أو إجراء انتخابات جديدة بالكامل. في ظل هذه الظروف، يبدو أن الدبيبة قد يلعب دورًا حاسمًا لضمان فوز شخصية موالية، مما يُعزز من قبضته على المؤسسات السياسية.

نظرة دبلوماسية نحو دور المشري وضرورة استعادة التوازن

في ظل هذا المشهد المعقد، يبقى موقف خالد المشري محط اهتمام، خاصة أن استعادته لرئاسة المجلس قد تعيد بعض التوازن للمشهد السياسي. فمن جهة، يمتلك المشري شرعية دولية ودعمًا من قطاعات مختلفة، ما يجعله شخصية مؤثرة قادرة على معارضة الانجراف نحو الهيمنة المطلقة لحكومة الدبيبة.

ورغم كل العقبات، يرى البعض أن تمكين المشري من استعادة دوره في المجلس قد يسهم في خلق حالة من التوازن المطلوب، لا سيما في ظل الضغوطات الخارجية التي تؤكد على ضرورة الحفاظ على استقلالية المؤسسات السياسية وعدم استغلالها لأهداف فئوية.

ختامًا: هل الانتخابات الجديدة هي السبيل لإصلاح مجلس الدولة؟

في النهاية، يبقى السؤال قائماً: هل ستكون الانتخابات الجديدة هي الحل لإعادة تفعيل مجلس الدولة؟ يبدو أن الانتخابات هي الطريق الأكثر واقعية لاستعادة دور المجلس، خاصة في ظل إصرار الأطراف الدولية على تجديد مؤسسات الحكم في ليبيا. ومع ذلك، فإن نجاح الانتخابات يعتمد على توفر الإرادة السياسية الحقيقية لدى مختلف الأطراف، بعيدًا عن المناورات الداخلية والتدخلات الخارجية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24