في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، سلط مندوب الجزائر الضوء على أزمة ليبيا المستمرة، مشيرًا إلى مسؤولية المجتمع الدولي ودوره في تشكيل المشهد الحالي. وأكد أن الأزمة الراهنة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة مباشرة لقرار خاطئ اتخذ عام 2011 من مجلس الأمن، وأفضى إلى انهيار المؤسسات الليبية، مما أطلق سلسلة من الأزمات السياسية والإنسانية التي تعاني منها البلاد اليوم.
وفقًا لمندوب الجزائر، فإن التدخل الدولي في ليبيا عام 2011 كان الخطأ الأول الذي وضع الدولة في حالة من الفوضى والانقسام. وأوضح أن هذا القرار أدى إلى تدمير البنية التحتية للدولة، وزعزعة الاستقرار الإقليمي، وزرع بذور الصراع الذي لا يزال يلتهم البلاد حتى الآن. وأضاف: “ما حدث في ليبيا هو درس قاسٍ للعالم حول أهمية اتخاذ قرارات تراعي عواقبها طويلة الأمد.”
أكد مندوب الجزائر أن العدالة لا يمكن أن تتحقق دون احترام السيادة الوطنية لليبيا، مشيرًا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تلتزم بمبدأ التكاملية، بحيث تُستكمل الجهود القضائية الليبية بدلاً من استبدالها. وأكد أن وجود نظام قضائي وطني قوي ومستقل هو الضامن الوحيد لتحقيق استقرار دائم في البلاد.
شدد المندوب الجزائري على أهمية دور العدالة في توحيد الليبيين بدلاً من زيادة التوترات والانقسامات القائمة. وأوضح أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تكون أداة لتعزيز التضامن الوطني، وأن تحرص على أن تكون قراراتها مبنية على أدلة دقيقة بعيدًا عن أي أجندات سياسية.
اعتبر المندوب أن المجتمع الدولي يتحمل “دينًا كبيرًا” تجاه الشعب الليبي، مشيرًا إلى أن ليبيا لا تحتاج إلى تعليمات جديدة أو محاضرات نظرية، بل إلى تعاون فعّال يركز على بناء القدرات الوطنية. وأكد أن الدعم الدولي يجب أن يكون موجهًا نحو تعزيز القضاء الليبي وبناء مؤسسات قادرة على تحقيق العدالة بفعالية وكفاءة.
باعتبارها دولة جارة وصديقة، شددت الجزائر على التزامها بدعم جهود السلام والمصالحة الوطنية في ليبيا. وأوضح المندوب أن بلاده تستمد موقفها من ثلاثة مبادئ أساسية: سيادة ليبيا، قداسة العدالة، وضرورة تحقيق الاستقرار الإقليمي. وأضاف أن الجزائر تتابع الأزمة الليبية بقلق عميق، معربة عن إدانتها الشديدة لأعمال العنف والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الليبي.
اختتم المندوب الجزائري كلمته بدعوة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم ملموس يهدف إلى بناء مؤسسات ليبية قوية ومستقلة. وأكد أن استقرار ليبيا ليس خيارًا فحسب، بل ضرورة لإرساء الأمن في المنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن العدالة المستدامة هي المفتاح لتحقيق هذه الغاية.