في حادث مأساوي، عُثر على عائلة بوعميرة متوفاة إثر انقلاب سيارتهم في منطقة بوزريق جنوب الكفرة، وهي فاجعة حملت معها تساؤلات وتحذيرات عن كيفية التعاطي مع مثل هذه الحوادث في الإعلام والمجتمع.
كان الخميس الماضي هو اليوم الذي انقطعت فيه أخبار منصور بوعميرة وأسرته، ليأتي الخبر المفجع بعد أيام؛ العثور على جثث أفراد الأسرة وقد تفحمت بفعل النيران الناتجة عن انقلاب سيارتهم من أعلى تبة رملية. وفقاً لجهاز الإسعاف والطوارئ، فإن الحادث وقع في منطقة بعيدة عن الحدود الليبية المصرية، تحديداً في بوزريق، ما يعزز تأكيدات أن سبب الحادث كان طبيعياً وليس بفعل قصف جوي كما أشارت بعض الشائعات.
بلدية الكفرة كانت واضحة وصريحة في بيانها، حيث شددت على أن “الإشاعات والأخبار الملفقة” التي تحدثت عن قصف جوي ليس لها أساس من الصحة. الحادث، كما أوردت البلدية، كان نتيجة لظروف طبيعية بحتة، حيث تسبب سيف رملي بقطع الطريق وانقلاب السيارة، مشيرةً إلى أن الموقع بعيد عن أي نشاط عسكري أو حدودي قد يثير الشبهات.
تصريحات البلدية حملت نبرة حازمة ضد استغلال هذه الحادثة سياسياً أو إعلامياً. فبينما يعيش المجتمع وقع الصدمة، تأتي الأصوات الداعية للتأني والتأكد من الحقائق كضرورة في زمن باتت فيه الشائعات تنتشر أسرع من الخبر نفسه.
رغم الطبيعة القاسية للمنطقة، تحرك فريق الإسعاف والطوارئ التابع للقيادة العامة بسرعة، حيث استعان بمروحية للوصول إلى موقع الحادث وانتشال الجثث. هذا الجهد يعكس كفاءة الجهاز في التعامل مع الحوادث في المناطق النائية، إلا أن الحادث يسلط الضوء على المخاطر التي تواجه المسافرين في تلك المناطق.
الحادثة تعيد للأذهان التحديات التي تواجه المسافرين في الصحارى الليبية. فبين الرمال المتحركة وظروف الطريق غير الممهدة، تصبح حياة المسافرين معرضة للخطر، وهو ما يستوجب وضع خطط أكثر صرامة لتعزيز السلامة على الطرق وتوفير إشارات تحذيرية ومراكز مساعدة.
هذه الفاجعة ليست مجرد حادث، بل اختبارٌ لأخلاقية الإعلام في التعامل مع الأحداث المأساوية. استغلال المأساة لصناعة العناوين المثيرة أو لخدمة أجندات سياسية لا يزيد سوى من أوجاع الأسر المتضررة، في حين أن الالتزام بالمهنية ونقل الحقيقة هو السبيل الوحيد لتكريم الضحايا وتقديم العزاء للمجتمع.
حادثة عائلة بوعميرة ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جادة لمنع تكرار مثل هذه الكوارث. كما أنها دعوة لكل فرد في المجتمع، سواء كان إعلامياً أو مسؤولاً أو مواطناً عادياً، للتفكر في دوره في بناء بيئة أكثر أماناً واحتراماً للحياة.