حماية الحبارى: خطوة نوعية نحو الحفاظ على التنوع البيولوجي في ليبيا
في خطوة تعد الأولى من نوعها في السنوات الأخيرة، أصدر المهندس رافع محمد مراجع، رئيس الهيئة الليبية للصيد البري والرماية، قرارًا حاسمًا يحمل الرقم (7) لسنة 2024، يقضي بمنع صيد طير الحبارى في كافة أنحاء ليبيا. يأتي هذا القرار كجزء من خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى الحد من مخاطر انقراض هذا الطائر النادر، والحفاظ على البيئة الليبية بما فيها من ثروات طبيعية وتنوع بيولوجي فريد.
طير الحبارى، الذي يُعد رمزًا للطبيعة البرية في ليبيا، يواجه تحديات كبيرة بسبب ممارسات الصيد الجائرة التي تهدد بقاءه. ومن هنا، جاء قرار الحظر لمدة ثلاث سنوات، ليعكس التزام الهيئة الليبية بتبني سياسات تراعي التوازن البيئي وتحمي التنوع البيولوجي. كما يتضمن القرار حظرًا شاملًا على تداول أو بيع الحبارى، سواء لأغراض شخصية أو تجارية، إلا بتصريح قانوني مسبق.
في بادرة لافتة، نصت المادة الثالثة من القرار على تكليف الجهات الأمنية والبيئية بمسؤولية التنفيذ الكامل للقرار، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المخالفين. ويشمل ذلك مصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في عمليات الصيد المخالفة. هذه الخطوة تُظهر الجدية التي تنتهجها الهيئة لضمان الالتزام بالتشريعات الجديدة، ولتعزيز دور القانون في حماية الحياة البرية.
لم يتوقف القرار عند حدود الحظر، بل امتد ليشمل حملات توعية تستهدف الصيادين والجمهور العام. من خلال مكتب الإعلام والتواصل، تنوي الهيئة التنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة لإيصال رسائل واضحة حول أهمية القرار ودوره في حماية البيئة. هذه الجهود التوعوية تُبرز البُعد الإنساني والمسؤولية المجتمعية تجاه البيئة.
القرار يحمل في طياته أبعادًا بيئية واقتصادية على حد سواء. فمن جهة، يُسهم في الحد من مخاطر انقراض الحبارى، الذي يُعتبر مؤشرًا هامًا لصحة النظام البيئي. ومن جهة أخرى، يعكس التزام ليبيا بالمعايير البيئية الدولية، ما يعزز سمعتها كدولة مسؤولة بيئيًا.
رغم أهمية هذا القرار، يواجه تطبيقه تحديات ملموسة، أبرزها مقاومة بعض الصيادين لهذا الحظر، وضعف البنية التحتية اللازمة للرقابة البيئية. إلا أن الالتزام المتزايد من الجهات المعنية، إلى جانب دعم المجتمع المدني، قد يُسهم في تجاوز هذه العقبات وتحقيق الأهداف المرجوة.
يمثل هذا القرار خطوة محورية نحو تبني سياسات مستدامة في إدارة الموارد الطبيعية في ليبيا. إذ يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية حماية البيئة، ليس فقط من أجل الأجيال الحالية، بل أيضًا لضمان مستقبل مستدام لأجيال قادمة.