تتوالى الانتقادات اللاذعة الموجهة إلى حكومة عبد الحميد الدبيبة، منتهية الولاية، وسط تدهور مستمر في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن الليبي. وفي أحدث تصريحاته، أكد عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي أن مصرف ليبيا المركزي سمح بسحب نسبة من المرتب قبل إيداعها بالحسابات المصرفية، في خطوة تعكس عمق الأزمة التي تعصف بالمالية العامة للدولة.
العرفي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، لم يكتفِ بتوجيه أصابع الاتهام إلى سياسات الدبيبة، بل ذهب أبعد من ذلك ليصفها بالعشوائية التي تسببت في تأخير دفع المرتبات للشهرين الأخيرين. في هذا السياق، تساءل المواطن الليبي عن مصير عائدات النفط التي لطالما وُعد بأنها ستكون ضمانة لاستقرار الدولة. ومع ذلك، يبدو أن هذه الوعود تتبخر في ظل إدارة تتسم بعدم الشفافية والإفراط في القرارات غير المدروسة.
على الرغم من التصريحات الرسمية المتفائلة بشأن عائدات النفط، يشير العرفي إلى أن الأرقام المعلنة ليست سوى سراب، وأن مليارات الدولارات لا تزال مفقودة. تصريحات مثيرة، لكنها ليست مفاجئة في ظل فشل الحكومة في ضبط إيراداتها وتحقيق العدالة الاقتصادية.
كيف يمكن لدولة يعتمد اقتصادها بشكل شبه كامل على النفط أن تجهل مصير ملياراته؟ ربما الإجابة تكمن في فساد متجذر ومؤسسات عاجزة عن القيام بدورها الرقابي، ناهيك عن الفوضى السياسية التي سمحت للدبيبة بتمديد سلطته دون أي رقابة فعلية.
تحت وطأة هذا المشهد الكارثي، يظل المواطن الليبي الضحية الأولى. ارتفاع الأسعار، تأخر المرتبات، وفقدان الثقة في المؤسسات كلها عوامل تعصف بحياة الليبيين اليومية. فبينما يسعى المواطن لتوفير أساسيات الحياة، يتفنن المسؤولون في تقديم الأعذار والوعود الزائفة.
حكومة الدبيبة ليست وحدها مسؤولة عن هذا الانحدار، لكنها بلا شك تقود المشهد بفشلها في تقديم حلول عملية. قرارات غير مدروسة وسياسات اقتصادية تهدف فقط إلى تعزيز مصالح النخبة الحاكمة، تجعل منها نموذجًا يُدرس في سوء الإدارة والافتقار إلى الرؤية الاستراتيجية.
الحل ليس سهلًا، لكنه يبدأ بمحاسبة حقيقية وجدية. يجب أن تعود الأموال المفقودة إلى خزينة الدولة، وأن يتم اتخاذ خطوات جريئة لإعادة هيكلة المؤسسات المالية. هذه الإجراءات تحتاج إلى إرادة سياسية قوية، وهي غائبة تمامًا في ظل الوضع الراهن.
بين تصريحات عبد المنعم العرفي وواقع حكومة الدبيبة، تتجلى أزمة دولة تعيش على حافة الانهيار. ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة، فإن المستقبل يبدو أكثر قتامة، والمواطن الليبي قد يدفع الثمن الأكبر. فهل يستيقظ المسؤولون قبل فوات الأوان؟