ليبيا الان

الدبيبة والمراوغة السياسية.. قراءة في تعطيل الانتخابات بذريعة الدستور

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مسرح السياسة الليبية المضطرب، يبدو أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، قد أتقن فن المناورة السياسية، مستخدمًا هيئة صياغة الدستور كورقة لتأجيل الانتخابات وتأبيد وجوده في السلطة. الاجتماع الذي عقده اليوم الأربعاء مع أعضاء الهيئة يفضح نواياه الحقيقية، التي تتمحور حول تعطيل المسار الانتخابي بذريعة ضرورة الاستفتاء على الدستور أولًا، وهو ما يعكس إصراره على البقاء في المشهد السياسي بأي ثمن.

خلال الاجتماع، أعرب الدبيبة عن استنكاره لما وصفه بـ”مؤامرة تعطيل الاستفتاء”، مشيرًا إلى أن أي عرقلة لهذا المسار تمثل استهدافًا لإرادة الشعب الليبي. لكن في الحقيقة، تبدو هذه التصريحات أشبه بحملة دعائية لخلط الأوراق وتأخير المسار الانتخابي، بدلاً من التركيز على توفير بيئة مناسبة لتحقيق توافق حقيقي.

الدبيبة يدرك تمامًا أن الانتخابات تهدد موقعه السياسي، لذا يستخدم الاستفتاء على الدستور كذريعة لتعطيل الاستحقاق الانتخابي، الذي يعد مطلبًا شعبيًا ودوليًا. تصريحاته عن دعم “إرادة الشعب” تناقض أفعاله، حيث يسعى لتحويل هيئة صياغة الدستور إلى أداة سياسية تخدم مصالحه، بدلاً من أن تكون منبرًا لإرساء أسس دولة القانون والمؤسسات.

في الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من أزمات متفاقمة على كافة المستويات، من انهيار البنية التحتية إلى تفشي الفساد، يصر الدبيبة على فتح معارك جانبية تعرقل المسار الديمقراطي. فحديثه عن أهمية دور هيئة صياغة الدستور يبدو أقرب إلى محاولة لصرف الأنظار عن فشل حكومته في معالجة الأزمات اليومية للمواطنين.

هذا الالتفاف على المطالب الشعبية لا يقتصر على الخطاب السياسي، بل يمتد إلى سياسات ميدانية تُنفَّذ عبر أذرع حكومية تسعى لتقييد أي تحرك شعبي أو سياسي يدعو لإجراء الانتخابات في موعدها.

على الرغم من تأكيد الدبيبة التزام حكومته بدعم الهيئة، فإن هذا الدعم يظل حبرًا على ورق، بالنظر إلى غياب أي خطوات فعلية نحو تعزيز الاستحقاق الدستوري أو خلق بيئة توافقية لإجراء الانتخابات. هذا التناقض يضع حكومة الدبيبة منتهية الولاية في مواجهة مأزق أخلاقي وسياسي، حيث تُتهم بإطالة أمد الأزمة لتحقيق مكاسب وقتية.

الدبيبة يواجه اليوم تحديات من كل الجبهات، سواء من المجتمع الدولي، الذي يطالب بتحديد جدول زمني واضح للانتخابات، أو من الداخل الليبي، الذي يشهد تصاعدًا في الاحتجاجات ضد الفساد وسوء الإدارة. ويبدو أن سياسة التأجيل والمماطلة التي ينتهجها لن تسهم إلا في تأجيج الأزمة، مما يجعل البلاد على شفا مواجهة شاملة بين الأطراف السياسية المتناحرة.

إن الحديث عن دعم إرادة الشعب الليبي وبناء دولة المؤسسات لا يتعدى كونه شعارات جوفاء إذا لم تقترن بأفعال على الأرض. عبد الحميد الدبيبة، الذي يصر على الاستمرار في الحكم بأي وسيلة ممكنة، قد يجد نفسه قريبًا في مواجهة ضغوط لا يستطيع تحملها. فالشعب الليبي، الذي عانى لعقود من ويلات الديكتاتورية والانقسام، لن يقبل أن يُستخدم كذريعة لتأجيل حلمه في بناء دولة حقيقية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24