وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية في ليبيا، خرج الخبير الاقتصادي، مختار الجديد، ليشعل نقاشًا حادًا حول سياسات حكومة عبد الحميد الدبيبة ومصرف ليبيا المركزي. في سلسلة من التصريحات اللاذعة، رسم الجديد صورة قاتمة لواقع الاقتصاد الليبي، مسلطًا الضوء على الانفلات المالي والفساد الممنهج، الذي أضحى حجر عثرة أمام أي إصلاح اقتصادي جاد.
بدأ الجديد حديثه في عدة منشورات له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ورصدتها “أخبار ليبيا 24“ بانتقاد صارخ لفكرة رفع الدعم عن البنزين ليصل سعر اللتر إلى خمسة دينار. “تي خمسطاشن قرش طمعوا فيها وقاعدين يسرقوا، مش يبالك خمسة دينار!” قالها ليكشف كيف أصبح الوقود، الذي يُفترض أنه خدمة أساسية، أداة لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطن البسيط.
ويشير تقرير ديوان المحاسبة إلى أن الإيرادات المحصلة من مبيعات المحروقات لعام 2023 لم تُورَّد بعد، ما يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال وأسباب تأخر توريدها.
وفي سياق آخر، سلط الجديد الضوء على ازدواجية المصرف المركزي، الذي يتحدث عن مكافحة غسل الأموال بينما تعجز المصارف التجارية عن الالتزام بالحد الأدنى من الشفافية. “تطالب الموظف البسيط بإيداع نقدي إذا أراد شراء دولار؟ قوله عدي اسرق وخلاص!” كانت هذه الكلمات كفيلة بتعرية السياسات المصرفية، التي تزيد من معاناة المواطن وتفاقم أزمة السيولة.
أما عن الإنفاق الحكومي، فقد انتقد الجديد السياسات العشوائية التي وصفها بأنها “إنفاق منفلت وغير منضبط”، معتبرًا أن المصطلحات السياسية مثل “الإنفاق الموازي” لا تُغير من حقيقة واحدة: الحكومة تتسابق لصرف المال دون أي اعتبار للتداعيات الاقتصادية، التي تتجلى في انهيار سعر الصرف وتدهور الأحوال المعيشية.
وفيما يتعلق بالدفع الإلكتروني، أشار الجديد إلى التناقض الواضح في سياسات المصرف المركزي، الذي يحاول إقناع التجار بالتحول الرقمي بينما ترفض المصارف التجارية تطبيق هذا النظام. “كيف سنقنع التجار وأنت لم تستطع إقناع المصارف الخاضعة لسيطرتك؟” سأل الجديد، مشددًا على ضرورة إعادة ترتيب البيت الداخلي للمصرف المركزي.
رغم انتقاداته الحادة، قدم الجديد حلولًا عملية، داعيًا المصرف المركزي إلى تخصيص صندوق شكاوى إلكتروني يُتيح للمواطنين الإبلاغ عن التجاوزات المصرفية. كما أكد على أهمية الاهتمام بالتفاصيل وتنفيذ سياسات واقعية تُعيد ثقة المواطن بالمؤسسات المالية.
في ظل هذا السرد التحليلي، تبدو حكومة الدبيبة وكأنها تعمل بلا بوصلة، حيث تتجاهل آثار الإنفاق العشوائي، وتُمعن في إدارة موارد الدولة بأسلوب غير شفاف. المواطن الليبي، الذي يرزح تحت وطأة التضخم وارتفاع الأسعار، لا يزال ينتظر تغييرات جذرية تُخرجه من هذه الدوامة.
ختامًا، يظل تساؤل مختار الجديد قائمًا: هل تدرك حكومة الدبيبة والمصرف المركزي أن سياساتهما لم تعد تُقنع أحدًا؟ أم أن إصلاح الاقتصاد الليبي يتطلب قيادة جديدة تُعلي مصلحة الوطن فوق المصالح الضيقة؟