في احتفالها بيوم حقوق الإنسان هذا العام، تحت شعار “حقوقنا، مستقبلنا، الآن”، وجهت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا دعوة ملحة لجعل حقوق الإنسان المحور الأساسي في عملية التحول الديمقراطي وبناء مستقبل ليبيا. تسلط البعثة الضوء على أن حقوق الإنسان ليست مجرد شعارات بل أدوات فعالة لبناء مجتمع مستقر وشامل.
استهلت القائمة بأعمال البعثة، ستيفاني خوري، تصريحاتها بالتأكيد على أهمية دمج حقوق الإنسان في جميع مفاصل العملية السياسية الليبية. وقالت: “يجب أن تظل حقوق الإنسان محورية في العملية السياسية والانتقال الديمقراطي في ليبيا”. وأشارت إلى أن ضمان العدالة وسيادة القانون هو السبيل الوحيد لاستعادة الثقة في المؤسسات الليبية.
وأضافت خوري: “بينما تم إحراز بعض التقدم، يبقى الكثير لتحقيقه”. من خلال كلماتها، قدمت خوري رؤية واضحة ترتكز على تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة بناء الدولة عبر آليات حقوقية فعالة.
لا تزال المشاورات السياسية التي تقودها بعثة الأمم المتحدة تواجه تحديات جمّة، أبرزها توسيع الحيز المدني وضمان حرية التعبير والتجمع. وترى البعثة أن هذه الحريات ليست مجرد ضروريات سياسية، بل هي شروط أساسية لضمان نزاهة الانتخابات المقبلة وإشراك جميع فئات المجتمع.
وأشارت خوري إلى ضرورة منح الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم النساء والشباب، مساحة آمنة للعمل دون خوف من الانتقام. وأضافت: “المجتمع الليبي لن يصل إلى المساواة الحقيقية إلا من خلال احترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية”.
يمثل الشباب الليبي، بحسب البعثة، حجر الزاوية في بناء مستقبل البلاد. على الرغم من التحديات، يُظهر الشباب مرونة كبيرة ويقدمون رؤية موحدة تقوم على المساواة والعدالة. واعتبرت خوري أن تمكين الشباب من المشاركة بفعالية في الحياة السياسية والاجتماعية هو مفتاح تحقيق السلام الدائم.
أحد المحاور الرئيسية التي شددت عليها البعثة هو الإفراج الفوري عن المعتقلين تعسفيًا. وأوضحت خوري أن استمرار حالات الاحتجاز غير القانوني يقوض أي جهود لتحقيق المصالحة الوطنية. كما دعت إلى تحقيقات شفافة ومستقلة في الانتهاكات الحقوقية لضمان المساءلة وتعزيز سيادة القانون.
تعمل بعثة الأمم المتحدة بالتعاون مع السلطات الليبية والمجتمع المدني والشركاء الدوليين لتعزيز الإصلاح القضائي وضمان مواءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية. وتشدد البعثة على أن الوصول إلى العدالة وحماية الفئات الأكثر ضعفًا هما من أولوياتها.
وأوضحت خوري: “آفاق السلام والتنمية المستدامة ستظل غير مؤكدة دون معالجة الانتهاكات الحقوقية وضمان مشاركة جميع فئات المجتمع”. وتؤكد هذه الرؤية على ضرورة إشراك كافة الجهات الفاعلة لضمان مستقبل أكثر إشراقًا لليبيا.
في سياق متصل، نظمت بعثة الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي اجتماعًا في تونس لمناقشة مسودة قانون المصالحة الذي أعده المجلس الرئاسي. وضم الاجتماع ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وخبراء قانونيين. وتمحورت النقاشات حول ضرورة ضمان استقلالية المفوضية الوطنية للمصالحة وتطبيق آليات تضمن الإنصاف والشفافية.
تجدد بعثة الأمم المتحدة التزامها بالعمل عن كثب مع الشعب الليبي لترسيخ تطلعاته نحو دولة تعكس فيها حقوق الإنسان واقعًا ملموسًا. وبينما تبدو الطريق طويلة، تبقى هذه الجهود ضرورية لتحقيق سلام دائم ومجتمع يضمن حقوق الجميع دون استثناء. في يوم حقوق الإنسان، تبعث البعثة برسالة أمل مفادها أن ليبيا يمكنها تجاوز أزماتها من خلال احترام الحقوق والعدالة