اليماحي: توافق وطني ليبي لانتخابات تُنهي الأزمة السياسية
تحليل لجهود البرلمان العربي نحو استقرار ليبيا والمنطقة
في جلسة حملت أبعادًا سياسية مهمة ومقاصد استراتيجية بعيدة المدى، ألقى رئيس البرلمان العربي، محمد أحمد اليماحي، كلمة مفصلية خلال افتتاح الجلسة الثانية من دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الرابع للبرلمان العربي. الجلسة التي عُقدت بمقر جامعة الدول العربية، جاءت في وقت تتصاعد فيه الأزمات العربية وتتشابك خيوطها السياسية والاقتصادية والأمنية.
في خطابه، شدد اليماحي على ضرورة تحقيق التوافق الوطني الليبي كخطوة حتمية نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي باتت مطلبًا شعبيًا ودوليًا لإخراج ليبيا من مأزقها السياسي الراهن. وأكد أن الأمن والاستقرار الليبي هما الركيزتان الأساسيتان لتحقيق وحدة الدولة الليبية وإنهاء حالة الانقسام التي أرهقت الشعب الليبي.
إلى جانب ذلك، دعا اليماحي إلى تكثيف الحضور العربي في إدارة الأزمات السياسية في ليبيا، مشددًا على أن الأيادي العربية وحدها هي القادرة على رسم ملامح الحلول الآمنة والمستدامة، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية التي تسعى لاستغلال الفوضى والسيطرة على مقدرات الشعوب.
وكان البرلمان العربي قد شهد حضورًا ليبيًا لافتًا خلال اجتماعات اللجان الدائمة التي عُقدت في القاهرة. شارك ممثلو مجلس النواب الليبي في مناقشات تتناول أبعاد الهجرة غير النظامية وتأثيرها على استقرار المجتمعات العربية. وناقشت لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي آخر التطورات الليبية، مؤكدين أن غياب التوافق الوطني يعرقل الوصول إلى حل سياسي شامل.
إلى جانب ذلك، كانت الأوضاع الاقتصادية أيضًا محورًا مهمًا في الاجتماعات، حيث جرى استعراض التحديات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة نتيجة التداعيات السياسية.
ناقش البرلمان العربي مشروع قانون استرشادي حول مكافحة الهجرة غير النظامية في العالم العربي، واعتُبر المشروع خطوة متقدمة للتعامل مع إحدى القضايا الأكثر إلحاحًا. وفي هذا السياق، لعب ممثلو مجلس النواب الليبي دورًا في تسليط الضوء على تأثيرات هذه الظاهرة على استقرار دول المنطقة.
ومن القضايا التي استأثرت باهتمام البرلمان العربي، مناقشة رؤية عربية تهدف إلى حماية الرموز والمعتقدات الدينية وحظر الإساءة إليها. هذه الخطوة تأتي في إطار جهود لتعزيز التعايش السلمي بين مكونات المجتمعات العربية، في ظل تصاعد الخطاب العدائي بين الثقافات.
على الجانب الاقتصادي، تناولت لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية التأثير السلبي للأزمات السياسية على تحقيق التكامل الاقتصادي العربي. في ظل هذا الواقع، أشار الخبراء إلى أن تعزيز الاستقرار السياسي في دول كمثل ليبيا هو السبيل الأهم لتحفيز المشاريع الاقتصادية المشتركة التي تحقق تنمية مستدامة للمنطقة.
في كلمته، حمل اليماحي رسالة محورية تتمثل في ضرورة اعتماد الدول العربية على نفسها في مواجهة أزماتها. وقال: “لن تتحقق حلول آمنة ودائمة سوى بأياد عربية خالصة”، مشددًا على أن التدخلات الأجنبية، مهما بدت حريصة على المصلحة العامة، فإنها غالبًا ما تخفي أطماعًا اقتصادية وسياسية تضر بالمصالح الوطنية.
ختامًا، لا يمكن قراءة هذه التصريحات والجهود بمعزل عن الواقع الليبي المتأزم. فليبيا التي تعيش في حالة من الانقسام السياسي منذ سنوات، تحتاج إلى توافق داخلي يُنهي التدخلات الخارجية ويُعيد بناء الدولة على أسس وطنية. ويبدو أن البرلمان العربي، بقيادة اليماحي، يحاول لعب دور الوسيط العربي الذي يوازن بين الأطراف ويُعيد توجيه بوصلة الحل نحو الداخل.
يبقى الأمل معقودًا على قدرة البرلمان العربي وممثليه في دفع عجلة الحوار الليبي-الليبي نحو الأمام. وفي ظل هذه الجهود، تبقى التحديات كبيرة، ولكن الإرادة السياسية قد تكون المفتاح الذي يفتح الباب أمام مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا ليس فقط في ليبيا، بل في المنطقة العربية ككل.