تشهد ليبيا في الأيام المقبلة منخفضًا جويًا قادمًا من جنوب أوروبا، وسط توقعات بهطول أمطار متفاوتة الغزارة قد تصل إلى حد السيول في بعض المناطق. محي الدين علي، مدير مكتب الإعلام بالمركز الوطني للأرصاد الجوية، دعا المواطنين إلى توخي الحذر والابتعاد عن مجاري الأودية والمناطق المنخفضة، في ظل توقعات بتأثير المنخفض بدءًا من مساء الأحد وحتى الأربعاء.
يُنتظر أن تشمل الأمطار المتوقعة مناطق شمال وجنوب غرب البلاد، بما فيها مدن الساحل وسبها وأوباري والشاطئ وإدري. وعلى الرغم من عدم تسجيل مستويات تحذير قصوى، فإن الدعوة للحذر تأتي استباقًا لأي سيناريوهات قد تسفر عن أضرار.
تاريخيًا، كانت الأمطار الغزيرة في ليبيا بين نعمة تتجلى في إثراء المخزون المائي ونقمة تظهر في شكل فيضانات مدمرة، تعري ضعف البنية التحتية وتعطل الحياة اليومية. المناطق المنخفضة، خاصة تلك القريبة من الأودية، تحمل دائمًا خطرًا إضافيًا عندما تتجاوز الطبيعة قدرة الإنسان على التحمل.
يؤكد علي أن تحذيرات المركز لا تعني بالضرورة أن الوضع الجوي خطير بحد ذاته، لكنها تأخذ في الاعتبار هشاشة البنية التحتية. “الأمطار التي يمكن أن تكون عادية في بلدان أخرى، قد تتحول إلى أزمة في بلادنا بسبب ضعف شبكات تصريف المياه وقرب العديد من المنازل من مجاري الأودية”، يقول علي.
تشهد ليبيا منذ سنوات نقصًا في مشروعات البنية التحتية الحديثة، وهو ما يزيد من معاناة المواطنين في مواجهة الظواهر الجوية. الطرقات التي تغمرها المياه، وانسداد شبكات الصرف، كلها مشاهد مألوفة مع كل هطول مطري غزير.
المناطق المستهدفة بالأمطار تشمل الساحل الغربي والجنوبي وصولًا إلى إدري والشاطئ. وفي السنوات الأخيرة، كانت هذه المناطق مسرحًا لتحديات مماثلة، من بينها فيضانات غمرت منازل السكان وأودت بحياة عدد منهم.
إدري، على سبيل المثال، مدينة ذات طابع جغرافي منخفض تجعلها عرضة مباشرة للفيضانات. أما سبها، فقد عانت تاريخيًا من ضعف شبكات الصرف الصحي، مما أدى إلى أزمة إنسانية عند تعرضها لأمطار مشابهة.
وفقًا لتصريحات المركز الوطني للأرصاد الجوية، فإن حالة الطقس تستدعي اليقظة، لكنها لا ترقى إلى حالة الطوارئ القصوى. يضيف علي: “المركز يعمل على تقديم تحديثات دورية بالتعاون مع الجهات المعنية، ونوصي المواطنين بمتابعة البيانات الرسمية”.
على الرغم من ذلك، فإن التحديات لا تزال قائمة؛ حيث تواجه البلاد نقصًا في المعدات اللازمة للتعامل مع الفيضانات، مثل مضخات المياه وشاحنات الإغاثة.
ختامًا، يدعو الخبراء المواطنين إلى التحلي بالوعي والمسؤولية تجاه تحذيرات الأرصاد، خاصة في المناطق الأكثر عرضة للخطر. كما يؤكدون ضرورة أن تتخذ الدولة خطوات جادة لتحسين البنية التحتية وتعزيز إمكانيات مواجهة الكوارث الطبيعية.
تبقى الأيام القليلة المقبلة اختبارًا حقيقيًا ليس فقط لمنظومة الطقس في ليبيا، بل أيضًا لمدى قدرة البلاد على الصمود أمام أزمات متكررة تعكس خللًا أعمق يحتاج إلى حلول طويلة الأجل.