المجتمع الدولي في مواجهة الأزمة الليبية: آفاق حل توافقي جديد
لطالما كانت الأزمة الليبية إحدى أعقد الأزمات السياسية في الشرق الأوسط، حيث تعكس صراعاتها الداخلية تقاطعات المصالح الإقليمية والدولية. في ظل هذا المشهد المتشابك، أكد عضو مجلس النواب، علي الصول، أن المجتمع الدولي بات مقتنعًا بأن سياسات الكيل بمكيالين، وإطالة أمد الحروب، لن تكون الطريق لإنهاء الانقسام الليبي.
يرى الصول في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن النظام الدولي قد بدأ في تبني رؤية أكثر واقعية تجاه الحلول الممكنة للأزمة الليبية. وأكد أن الوصول إلى اتفاق شامل يستدعي وضع آلية توافقية دولية تُلزم جميع الأطراف الفاعلة، المحلية والدولية، بالجلوس على طاولة الحوار لاختيار سلطة تنفيذية موحدة قادرة على إدارة البلاد بكفاءة واستقلالية.
إضافة إلى ذلك، فإن المصالحة الوطنية تأتي في مقدمة الأولويات المطروحة على الأجندة الدولية. فقد أظهرت السنوات الماضية أن تجاوز الانقسامات العميقة بين مختلف الأطراف لا يمكن أن يتحقق دون التئام النسيج الاجتماعي الليبي. ويترافق هذا التوجه مع خطوات حاسمة نحو توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، إذ يعتبر الصول أن توحيد الجيش هو صمام الأمان لأي تسوية سياسية مستدامة.
إن إنهاء المظاهر المسلحة ودمج التشكيلات العسكرية تحت مظلة واحدة بقيادة الجيش الوطني يمثل تحديًا كبيرًا في المشهد الحالي. فوجود مجموعات مسلحة ذات ولاءات متعددة يعقّد من فرص تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي. ومع ذلك، تبدو هذه الخطوة أساسية لتحقيق التوازن المطلوب لإنجاح أي اتفاق سياسي.
يرى الصول أن تشكيل حكومة جديدة بمجلس رئاسي أو بدونه سيكون جزءًا من الحلول المطروحة، وذلك بهدف تمهيد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية طال انتظارها. هذه الانتخابات تمثل أمل الليبيين في طي صفحة الانقسامات والانتقال إلى مرحلة جديدة من الشرعية الديمقراطية.
ورغم أن التصريحات الصادرة عن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس الحكومة منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة تشير إلى ضغوط دولية لتوحيد السلطة التنفيذية، إلا أن الصول يلفت النظر إلى أن كلا الطرفين لا يبدو راغبًا في ترك السلطة، مما يزيد من تعقيد المشهد.
مع تصاعد الضغوط الدولية، يبدو أن المجتمع الدولي قد استشعر خطورة استمرار الانقسام في ليبيا، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن الليبيون من تجاوز خلافاتهم الداخلية والاتفاق على خارطة طريق تُحقق طموحاتهم؟
تستعد الأطراف الدولية لعقد إحاطة خاصة خلال الأيام القادمة لمناقشة الوضع في ليبيا، حيث ستُطرح فيها جميع النقاط المتعلقة بالمصالحة الوطنية، توحيد الجيش، وتشكيل حكومة موحدة. هذه الخطوة تُبرز اهتمامًا متجددًا من المجتمع الدولي بإيجاد حلول مستدامة للأزمة الليبية، إلا أن نجاح هذه الجهود مرهون بتعاون الأطراف الليبية نفسها.
يبقى الطريق أمام الليبيين طويلًا وشاقًا، ولكن الفرصة لا تزال قائمة لتحقيق اختراق سياسي يعيد للبلاد استقرارها. إن التصريحات التي أطلقها علي الصول تُعبر عن واقع معقد ولكنه مليء بالفرص، في حال استطاع الجميع العمل بروح توافقية بعيدًا عن المصالح الضيقة.
في النهاية، تتطلب الأزمة الليبية شجاعة سياسية ورؤية استراتيجية من جميع الأطراف، لأن المصير المشترك بات يفرض نفسه على الجميع بلا استثناء.