ليبيا الان

الزاوية بين نزيف الصراعات وصمت الحكومات.. جرح وطن لم يندمل

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب مدينة الزاوية، التي تعد إحدى أعمدة الاقتصاد بمصفاتها النفطية الحيوية، يقف المشهد شاهداً على نزيف مستمر لا يبدو أنه يلقى آذاناً صاغية أو إرادة حقيقية لإنهائه. ما يحدث في الزاوية من نزاعات مسلحة بين ميليشيات لا يمكن وصفه إلا بأنه حالة من الفوضى المتواصلة، تُلقي بظلالها السوداء على حياة المواطنين، واقتصاد الوطن، وصورة الدولة في الخارج.

نزاعات تنخر الروح الوطنية
أكد الشيخ محمد المبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، في تصريح حاد، أن النزاعات في الزاوية ليست مجرد اشتباكات عابرة، بل هي جرح نازف يهدد الوطن بأسره. مشيراً إلى أن الوضع الراهن يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية مشتركة لتجفيف منابع الفوضى واستعادة الأمن والاستقرار في المدينة. تساءل المبشر بمرارة: “هل بلغ العجز بنا أن نقف متفرجين أمام هذا الجرح؟ أم أن إرادة التغيير قد ضاعت وسط الحسابات الضيقة؟”

النيران تطال الاقتصاد والتعليم
اشتباكات يوم الأحد الماضي، التي اندلعت في محيط مصفاة الزاوية لتكرير النفط بين ميليشيا “القصب” ومجموعة من قبيلة “الشرفاء”، تجاوزت حدود الخسائر البشرية التي بلغت قتيلاً و15 جريحاً، لتطال منشآت حيوية. ألسنة النيران التي تصاعدت من داخل المصفاة أشعلت أزمة جديدة، دفعت بالمؤسسة الوطنية للنفط إلى إعلان “القوة القاهرة” مؤقتاً.

وفي الوقت ذاته، تأثرت الحياة الاجتماعية والتعليمية في المدينة. أعلن مراقب التربية والتعليم، عادل الكاسح، تعليق الدراسة في كافة مدارس الزاوية بسبب الأوضاع المتدهورة. وكأنَّ المدينة قد أصبحت رهينة للنزاعات المسلحة، التي تحرم أطفالها من حقهم الأساسي في التعليم وتلقي بظلال من الخوف على أسرهم.

حسابات ضيقة وصمت حكومي
وسط هذا المشهد المأساوي، التزمت حكومة الدبيبة منتهية الولاية الصمت حيال ما يجري. موقف يعكس انفصالاً واضحاً عن معاناة المواطن العادي، ويطرح تساؤلات حول قدرة الدولة على التعامل مع هذا النوع من التحديات. فهل يمكن أن تظل هذه النزاعات قائمة دون أن تدفع الدولة ثمناً غالياً على المستويين الداخلي والدولي؟

دعوة إلى الحل الشامل
يرى المبشر أن الحل لا يكمن في معالجة نتائج النزاعات فقط، بل في وضع خطة شاملة تهدف إلى استئصال جذورها. فالمعالجة الأمنية وحدها لن تكفي؛ إذ يجب أن تكون هناك مقاربة تجمع بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز سيادة القانون، وتجفيف منابع الفوضى.

مستقبل الزاوية على المحك
في ظل غياب الإرادة الحقيقية من قبل الجهات المعنية، يبدو مستقبل الزاوية غامضاً. هذه المدينة، التي كانت يوماً رمزاً للنضال والصمود، تجد نفسها اليوم رهينة لصراعات ضيقة الأفق، تهدد بتحويلها إلى ساحة حرب مفتوحة.

إنَّ الزاوية لا تحتاج فقط إلى قرارات حكومية صارمة، بل إلى جهود وطنية شاملة تُعيد للمدينة كرامتها، وتنتشل أهلها من دوامة العنف التي علقوا فيها. وربما تكون كلمات الشيخ المبشر دعوة للاستيقاظ من غفلة أودت بنا إلى حافة الهاوية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24