في خضم التحديات التي تواجه ليبيا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، تبرز قضية المشاريع التنموية المتوقفة كأحد أبرز العوائق أمام استقرار البلاد. في هذا السياق، علّق عضو لجنة سعر الصرف السابق بـ مصرف ليبيا المركزي ، مصباح العكاري، على أهمية استكمال المشاريع التنموية التي توقفت لسنوات طويلة، مشددًا على أن هذه الخطوة هي المفتاح لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
العكاري لم يكتفِ بالتأكيد على أهمية استكمال المشاريع، بل دعا إلى استبدال الشركات التي ترفض العودة للعمل، وتوجيه الجهود نحو تحقيق العدالة في توزيع التنمية.
أوضح العكاري أن الكثير من المشاريع التي كانت تمثل حجر الزاوية في التنمية الوطنية توقفت بعد عام 2011. وأكد العكاري في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24″ ، أن “استكمال المشاريع السابقة يجب أن يكون أولوية قبل البدء في أي مشروعات جديدة”.
المشاريع المتوقفة تشمل قطاعات حيوية مثل الإسكان، البنية التحتية، والتعليم والصحة، حيث بلغ عددها حوالي 1200 مشروع موزعة على النحو التالي:
هذه النسب تعكس مدى تأثر الحياة اليومية للمواطنين، حيث أدى توقف مشاريع الإسكان إلى تفاقم أزمة السكن، بينما أضعف توقف مشاريع البنية التحتية الخدمات الأساسية مثل الطرق وشبكات المياه والكهرباء.
تناول العكاري قضية تمويل المشاريع التنموية، مؤكدًا أن ليبيا لديها مصادر كافية للتمويل إذا تم استغلالها بشكل صحيح. من أبرز هذه المصادر العائدات النفطية، التي بلغت حوالي 34 مليار دولار في عام 2023، بالإضافة إلى صناديق الاستثمار السيادية.
لكن المشكلة الحقيقية، وفق العكاري، تكمن في غياب التخطيط والإرادة السياسية الموحدة. فالنسبة الكبرى من العائدات النفطية تُخصص للرواتب والإنفاق الحكومي العام، مما يترك القليل للمشاريع التنموية.
في سياق حديثه، أشار العكاري إلى أن “ما قبل فبراير كان هناك مشروع تنموي ضخم جدًا موزع بعدالة على كامل التراب الليبي.” هذا التصريح أثار تساؤلات حول مدى عدالة توزيع التنمية قبل وبعد 2011.
وفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2010، كانت ليبيا تحقق تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات التنمية البشرية، إلا أن مركزية القرار الاقتصادي كانت تحدّ من استدامة هذا التقدم. أما بعد 2011، فقد شهدت البلاد تفاقمًا للفجوة التنموية بسبب الانقسامات السياسية والأمنية التي أعاقت تنفيذ المشاريع.
اختتم العكاري دعوته بضرورة عقد جلسة وطنية تجمع الخبراء والمخلصين من أبناء الوطن، بهدف مناقشة خطط تمويل واستكمال المشاريع التنموية. هذه الجلسة، بحسب رأيه، يمكن أن تكون نقطة الانطلاق نحو تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.
العكاري أكد أن الأولوية يجب أن تكون لاستكمال المشاريع التي توقفت منذ سنوات، مع ضرورة استبدال الشركات التي ترفض العودة لاستكمال أعمالها.
تظل تصريحات مصباح العكاري بمثابة جرس إنذار يُذكّر الجميع بأهمية وضع خطط واضحة للتنمية المستدامة في ليبيا. إن استكمال المشاريع التنموية المتوقفة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لضمان استقرار البلاد ومستقبلها.
ليبيا تمتلك الموارد والإمكانات، لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية صادقة وتعاون مشترك بين جميع الأطراف. فقط من خلال هذه الجهود يمكن للبلاد أن تتجاوز أزماتها الحالية وتبدأ مرحلة جديدة من البناء والازدهار.