وعد لم يتحقق: مرضى ضمور العضلات في ليبيا بين معاناة الواقع وأزمة الأخلاق
وسط ضجيج الحروب والصراعات السياسية التي تستنزف البلاد، هناك أصوات خافتة تكاد لا تُسمع، أصوات مرضى ضمور العضلات في ليبيا، الذين يعانون بصمت. أزمات متراكمة ألقت بثقلها على هؤلاء المرضى، خصوصًا الأطفال الذين لم يكن لديهم سوى وعود عابرة من الحكومة بحلول لم تر النور.
بين الإهمال والوعود المنسية
في الأشهر الماضية، تفجرت أزمة مرضى ضمور العضلات بعدما شهدت البلاد وفاة مأساوية لعدد من الأطفال نتيجة عدم توفر العلاج اللازم. هذه الحالات ألقت الضوء على وضع كارثي تعيشه الأسر التي يعاني أبناؤها من هذا المرض النادر.
الحكومة منتهية الولاية، متمثلة في حكومة عبد الحميد الدبيبة، أعلنت أكثر من مرة عن خطط لتوفير علاج جيني للأطفال المصابين وإنشاء مراكز تحليل جيني متخصصة، إلا أن تلك الوعود ظلت حبيسة التصريحات الإعلامية، لتتحول إلى خيبة أمل عميقة بين الأسر المتضررة.
التحديات الطبية: نقص الأدوية والتشخيص المتأخر
تعاني ليبيا من نقص حاد في الأدوية الأساسية لعلاج مرضى ضمور العضلات، خصوصًا تلك التي تساعد على إبطاء تقدم المرض وتخفيف أعراضه. كما أن التشخيص المتأخر للحالات يزيد من تعقيد الموقف، إذ أن غياب المراكز المتخصصة للتحليل الجيني يجعل الكثير من الأطفال يفقدون فرصة الحصول على علاج مبكر.
المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين الطفولة والشباب يعانون من تدهور مستمر في حالتهم الصحية، بسبب عدم توفير الأدوية اللازمة، والتي تتطلب دعمًا ماليًا حكوميًا. توقف الحكومة عن إرسال الأطفال تحت سن العامين إلى الخارج للعلاج زاد الوضع سوءًا، حيث كانت تلك الخطوة تُعد طوق نجاة لبعض الحالات.
التحليل الجيني: وعد حكومي معطل
أحد أبرز النقاط التي أثارت جدلًا كبيرًا هو إعلان حكومة الدبيبة عن نيتها إنشاء معامل متخصصة للتحليل الجيني داخل ليبيا، لتخفيف معاناة الأسر التي تضطر للسفر للخارج. ولكن بعد مرور أشهر طويلة، لا يزال المشروع متوقفًا، ما يعكس أزمة حقيقية في التعامل مع هذا الملف الإنساني.
أزمة أخلاقية: المجتمع والحكومة في مواجهة المسؤولية
في ظل تقاعس الحكومة عن القيام بدورها، ظهرت دعوات مجتمعية لتشكيل مجموعة وطنية لجمع التبرعات. هذه المبادرة تهدف إلى سد الفجوة التي خلفتها الوعود الحكومية غير المنفذة، من خلال توفير الأدوية اللازمة للأطفال، وتمويل سفر الحالات الحرجة للعلاج بالخارج.
هذه الدعوات تحمل في طياتها أزمة أخلاقية تضع الحكومة والمجتمع في مواجهة مسؤولية أكبر. فغياب الدعم الرسمي لا يمكن تعويضه بالكامل بالمبادرات الشعبية، إلا أنه يعكس قوة إرادة المجتمع الليبي في مواجهة الأزمات.
الختام: معاناة تبحث عن أمل
معاناة مرضى ضمور العضلات في ليبيا ليست مجرد أزمة صحية، بل هي صورة من صور الإهمال الحكومي والتحديات المجتمعية. إن استمرار الوضع الحالي دون حلول جذرية يعمق الجرح الإنساني ويترك الأطفال وأسرهم في مواجهة مصير مجهول.
الآمال معقودة على تحرك عاجل من الحكومة والمجتمع الدولي لتوفير الدعم اللازم، ليصبح الأمل أكثر من مجرد كلمة عابرة على ألسنة المسؤولين.