في خطوة تهدف إلى تعزيز السلم المجتمعي وإعادة بناء الدولة الليبية ، انعقد يوم الثلاثاء الموافق 24 ديسمبر 2024 لقاء مشترك للمجالس الاجتماعية والقبائل الليبية في كلية الطيران المدني بمنطقة إسبيعة، تحت شعار “السلم الاجتماعي أساس في بناء الدولة الليبية الحديثة”. وقد حضر اللقاء ممثلون عن قبائل ومدن بارزة مثل مصراتة، الخمس، وترهونة، إلى جانب شخصيات اجتماعية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وسط حالة من الانقسام السياسي والصراعات المسلحة التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي لعقد من الزمن، برزت مبادرات تهدف إلى توحيد الصفوف وتعزيز النسيج الاجتماعي. اللقاء جاء بدعوة من المجالس الاجتماعية التي تسعى إلى لعب دور أكبر في تجاوز الأزمات وتخفيف التوترات التي تعرقل استقرار البلاد.
أكد المشاركون في اللقاء أن تحقيق السلم المجتمعي ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل هو ضرورة وطنية لإعادة بناء دولة قوية ومستقرة. وشدد المتحدثون على أهمية تغليب لغة الحوار على النزاعات، والعمل على معالجة جذور الأزمات من خلال مبادرات تعزز الثقة بين مختلف الأطراف.
أحد المحاور الرئيسية التي تناولها اللقاء هو الحاجة إلى مصالحة وطنية شاملة تشمل الإفراج عن المعتقلين المرتبطين بالنزاعات، وتعويض المتضررين، وإقرار عفو عام يسهم في طي صفحة الماضي. ورأى الحاضرون أن تحقيق هذه الخطوات يتطلب توافقاً وطنياً وإرادة سياسية قوية.
دعا الحاضرون إلى عقد مؤتمر وطني يضم جميع الأطراف الليبية دون إقصاء، ليكون منصة لوضع رؤية مشتركة حول شكل الدولة ونظامها السياسي. وأكد المشاركون أن هذا المؤتمر يجب أن يكون جامعاً وشاملاً، بحيث يعكس تطلعات الشعب الليبي بمختلف مكوناته.
تناول اللقاء أيضاً أهمية الإسراع في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية شفافة ونزيهة. وأشاد الحاضرون بنجاح الانتخابات البلدية التي جرت في بعض المناطق، معتبرين ذلك دليلاً على رغبة الليبيين في ممارسة حقوقهم السياسية وبناء دولة القانون.
في تصريحاتهم، أعرب عدد من المشاركين عن تفاؤلهم بمخرجات اللقاء، مشيرين إلى أن الحضور الواسع من مختلف المناطق الليبية يعكس رغبة حقيقية في الوحدة وتجاوز الانقسامات. وأكد أحد ممثلي قبائل ترهونة أن “السلم الاجتماعي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الليبية، وأن المجالس الاجتماعية قادرة على لعب دور محوري في تحقيق ذلك”.
خرج اللقاء بعدة توصيات رئيسية، أبرزها:
رغم الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء، أشار بعض الحاضرين إلى وجود تحديات قد تعرقل تنفيذ التوصيات، منها:
مع تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية في ليبيا، يبرز دور المجالس الاجتماعية كعنصر محوري لتعزيز الاستقرار الوطني. ويمثل هذا اللقاء خطوة أولى نحو تحقيق رؤية أوسع تشمل جميع مكونات المجتمع الليبي. ويبقى الأمل معقوداً على هذه الجهود لإرساء قواعد السلم وبناء دولة القانون والمؤسسات.
جاء لقاء النواحي الأربع ليؤكد أن صوت السلم المجتمعي لا يزال حاضراً بقوة في المشهد الليبي. وبينما تواصل البلاد البحث عن حلول لأزماتها المتراكمة، تبقى مثل هذه المبادرات قادرة على فتح آفاق جديدة للمصالحة والاستقرار. ومع ذلك، فإن نجاحها يعتمد بشكل كبير على الإرادة السياسية وتضافر الجهود لتحقيق تطلعات الشعب الليبي في بناء دولة موحدة وآمنة