في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً بين الخبراء الاقتصاديين والمواطنين على حدٍ سواء، علق عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سابقًا، امراجع غيث، على قرار حكومة الاستقرار بشأن استبدال دعم الوقود. رأى غيث أن المصطلح الأدق لوصف هذه الخطوة هو “استبدال الدعم” عوضاً عن “رفع الدعم”، مشيراً إلى أن هذا التوصيف يعكس رؤية أكثر عدالة ومنطقية لما تسعى إليه الحكومة.
وأكد غيث في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، أن هذه الخطوة ليست بالأمر السهل الذي يمكن اتخاذه دون دراسة معمقة. وفي تصريحاته الصحفية، شدد على أن استبدال الدعم يحتاج إلى حوار مجتمعي شامل، يهدف إلى إقناع المواطنين بأسباب هذا التحول وجدواه الاقتصادية. “اتخاذ قرار بهذه الأهمية بشكل سريع وغير مدروس قد يؤدي إلى نتائج عكسية”، هكذا حذر غيث، داعياً إلى التفكير في آليات واضحة تضمن تحقيق الأهداف المرجوة دون الإضرار بالشرائح الضعيفة في المجتمع.
وأشار غيث إلى أن الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تقليل النفقات الضخمة في ميزانية الدولة. إلا أنه أوضح أن هناك بدائل أخرى قد تكون أكثر فاعلية وأقل تأثيراً على المواطنين، مثل إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وتحصيل الإيرادات المستحقة لدى جهات أخرى قبل المضي قدماً في مثل هذه القرارات.
وحول ظاهرة تهريب الوقود التي تستنزف موارد الدولة، قدم غيث رؤية واقعية مفادها أن التهريب لن يتوقف ما لم تكن أسعار الوقود في ليبيا مماثلة أو أعلى من الدول المجاورة. لكنه لفت إلى أن الحل لا يكمن فقط في رفع الأسعار، بل أيضاً في توظيف التقنيات الحديثة مثل منظومات التتبع، ومنع بيع الوقود نقداً عبر استبداله بأنظمة بطاقات ذكية.
تصريحات امراجع غيث جاءت لتسلط الضوء على التعقيدات التي تحيط بقرار استبدال دعم الوقود. فبينما يبدو هذا القرار حلاً اقتصادياً ضرورياً لتقليل الهدر والفساد، يظل تنفيذه محفوفاً بالتحديات. من جهة، يتطلب الأمر إقناع المواطنين بجدوى القرار، ومن جهة أخرى، يجب أن تكون هناك بدائل واضحة تخفف من وطأة الآثار السلبية المحتملة.
تأتي تصريحات غيث في سياق اقتصادي وسياسي حساس تعيشه ليبيا، حيث تسعى الحكومة إلى وضع سياسات تعالج أزمات الميزانية المتكررة، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاجتماعية. وفي ظل التوتر بين الحاجة إلى الإصلاح والرغبة في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، يبقى الحوار المجتمعي هو السبيل الأمثل لتحقيق التوازن.