وسط اقتصاد مأزوم وسياسة تتأرجح بين المصالح والتوجهات، تتجلى أزمة العملات الأجنبية في ليبيا كمرآة تعكس التحديات التي تواجهها البلاد. الخبير الاقتصادي، مختار الجديد، يضع يده على مواطن الخلل. يُسرد الجديد واقعًا معقدًا تلعب فيه قرارات المصرف المركزي، وقانون الرسوم المفروض من مجلس النواب، والألاعيب التجارية دورًا محوريًا في صياغة المشهد المالي.
الحاويات الفارغة.. ماضٍ لا ينقضي
يستهل الجديد حديثه في عدة منشورات له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ورصدتها “أخبار ليبيا 24“ بمثال من الماضي، حينما غزت الحاويات الفارغة الموانئ الليبية في عام 2017. يقول الجديد إن الأساليب لم تتغير، وإنما تطورت تكتيكاتها. الحاويات التي كانت تُستخدم كوسيلة لتهريب العملة الأجنبية، أصبحت الآن تتخفى تحت مسميات أخرى، في ظل غياب الرقابة الفعالة من وزارة الاقتصاد التي يصفها بأنها “راقدة في غدير عسل”.
الفروقات الضريبية.. استغلال فردي على حساب الجماعة
يشير الجديد إلى نموذج يعكس مدى الاستغلال الذي يمارسه البعض في سوق العملات الأجنبية. يتحدث عن رجل أعمال يحصل على اعتماد بخمسة ملايين دولار، يُدخل منها بضائع بقيمة ثلاثة ملايين فقط، ويحتفظ بمليوني دولار ليبيعها في السوق السوداء. هذه العملية، وفقًا للجديد، تضر بالاقتصاد العام.
سعر الصرف ورسوم المركزي.. توقعات متغيرة
الجديد، الذي توقع استقرار سعر الصرف عند 5.60 حتى رمضان المقبل، يُعيد النظر في تنبؤاته بسبب ما وصفه بـ”تقليص درجة التأكد”. ورغم عدم وجود مؤشرات مباشرة لتخفيض جديد في قيمة الرسوم، يظل التخفيض احتمالًا قائمًا إذا صدر قرار نيابي.
القرار النيابي.. القانون الساري بلا نهاية
يُبرز الجديد نقطة مهمة بشأن الرسوم المفروضة من مجلس النواب. يشير إلى أن القانون ليس محددًا بزمن، وبالتالي لا ينتهي إلا بقرار جديد. كما يؤكد أن التصريحات المتداولة من أعضاء مجلس النواب أو غيرهم لا قيمة لها، مشددًا على أن أي تغيير في الرسوم يتطلب قرارًا رسميًا.
مستقبل العملات الأجنبية في ليبيا
فيما يستعد المصرف المركزي لإعادة فتح منظومة بيع النقد الأجنبي، يرى الجديد أن هناك عوامل أكثر أهمية لتأثيرها الإيجابي على سعر الصرف. يشدد على أن الاتفاق حول ميزانية أو ترتيبات مالية بين المصرف والحكومتين سيكون الأساس لاستقرار العملة الليبية.
رؤية شاملة
يمضي الجديد ليضع خريطة واضحة: الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية لا تُبنى على قرارات آنية، بل على تكامل مؤسسي بين الجهات المعنية. إن شبح السوق السوداء والحاويات الفارغة لن يختفي إلا بإرادة حقيقية لضبط السوق، ودفع عجلة الاقتصاد نحو الاستدامة.