ليبيا الان

الزاوية في مرمى النيران.. بين ذريعة الأمن وأهداف السياسة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

الزاوية تحت النيران: أهداف متضاربة وعواقب وخيمة

تعيش مدينة الزاوية على وقع أصداء حملة عسكرية واسعة تقودها قوات المنطقة العسكرية الساحل الغربي التابعة لوزارة دفاع حكومة عبد الحميد الدبيبة. العملية، التي بدأت بضربات جوية باستخدام الطائرات المسيّرة، جاءت بدعوى مكافحة تهريب الوقود والمخدرات، لكن مراقبين وسياسيين يرون فيها محاولة مكشوفة لتصفية حسابات سياسية، في ظل انقسام البلاد المستمر.

تصريحات حكومة الدبيبة تركزت حول القضاء على الأنشطة الإجرامية في المدينة، إلا أن مصادر محلية وخبراء يؤكدون أن العملية تستهدف فصائل مسلحة بعينها، معارضة لحكومة الدبيبة. ويشير رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، إلى أن الإعلان المسبق عن توقيت الحملة أفرغها من عنصر المفاجأة، مما سمح للمطلوبين بالإفلات، معتبرا أن العملية ذات طابع سياسي أكثر منها أمني. وأشار إلى أن العملية “قد تؤدي إلى تزايد التوترات المحلية بدلًا من تحقيق الأمن”.

مدينة الزاوية ليست مجرد ساحة مواجهة للجريمة المنظمة، بل تحولت إلى بؤرة صراع سياسي. الباحث السياسي فرج زيدان أشار إلى أن الهدف الحقيقي للعملية هو تعزيز نفوذ حكومة الوحدة في مدينة الزاوية، التي تُعتبر مركزًا استراتيجيًا. واعتبر أن العملية لا تستهدف فقط الجريمة المنظمة، بل تسعى أيضًا إلى القضاء على نفوذ مجموعات مسلحة معارضة للدبيبة. وأضاف أن هذه الخطوة قد تزيد الانقسام السياسي في البلاد. بينما يرى محللون أن العملية جاءت كرد فعل على تحركات مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يعكس صراعًا أوسع بين القوى السياسية.

قيادات الزاوية، في اجتماع استثنائي، أكدت رفضها لأي تدخل عسكري يمس استقرار المدينة، مطالبةً بأن تكون العمليات العسكرية موجهة نحو مكافحة الجريمة فقط. أحد القادة المحليين صرح: “لن نسمح باستخدام حجج واهية لتبرير القصف”، محذرًا من ردود فعل قوية حال استمرار الهجمات.

وفقًا لتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، تعد الزاوية مركزًا رئيسًا لتهريب الوقود والمخدرات والاتجار بالبشر، وسط سيطرة مليشيات مسلحة على تلك الأنشطة. التقرير يشير إلى تورط تلك الجماعات مع أطراف حكومية، ما يعزز الإفلات من العقاب.

الهجمات بالطائرات المسيّرة أثارت قلقًا واسعًا، حيث اعتبر البعض أنها استعراض قوة من حكومة الدبيبة ضد معارضيها. ورغم تدمير عدد من الأوكار، إلا أن نتائج العملية تبقى محدودة في ظل تسرب المطلوبين إلى مناطق مجاورة.

العملية تأتي في توقيت حساس، بالتزامن مع مبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية، وتحركات رئيس البرلمان عقيلة صالح لتشكيل حكومة بديلة. ويرى محللون أن الدبيبة يحاول استباق هذه التحركات بإضعاف خصومه في الغرب الليبي.

يرى محللون أن العملية ستؤثر بشكل مباشر على الأنشطة الاقتصادية غير الشرعية، مثل تهريب الوقود. إلا أن هذه الخطوة قد تؤدي أيضًا إلى اضطرابات اقتصادية مؤقتة، خاصة في حال استهداف بنية تحتية تُستخدم للتجارة الشرعية.

المواطنون في الزاوية والمناطق المحيطة عبّروا عن آراء متباينة. بعضهم أشاد بالعملية ووصفها بأنها ضرورية لحماية المدينة من المجرمين، بينما أعرب آخرون عن قلقهم من أن تتحول العملية إلى صراع جديد يزيد من معاناة المدنيين

التوتر زاد مع اختطاف الناشط أنس البشتي في المدينة، مما أثار استياء شعبيًا واسعًا. شهود عيان أكدوا تورط جماعات مسلحة مجهولة في الحادثة، في ظل غياب الأمن.

أحداث الزاوية أكدت ضرورة إيجاد حلول جذرية توازن بين مكافحة الجريمة وحماية استقرار المدينة. القيادات المحلية شددت على ضرورة توجيه الجهود نحو القضاء على الجريمة المنظمة بعيدًا عن الأجندات السياسية.

تواجه الزاوية خطر الانزلاق إلى دوامة عنف جديدة إذا استمرت العمليات دون توافق داخلي، مما يعكس أزمة أعمق ترتبط بالانقسام السياسي في البلاد.

يبقى السؤال: هل ستنجح العملية العسكرية في تحقيق الأمن، أم أنها ستفتح بابًا جديدًا للصراعات السياسية؟ يبدو أن الإجابة ستتوقف على قدرة الأطراف الليبية على تجاوز خلافاتها وتحقيق الاستقرار المنشود.

 

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24