بينما تتجه أنظار العالم إلى ليبيا، يستعد الليبيون لخوض المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية، وهي عملية تُعَدّ من أكثر المحطات الانتخابية أهمية منذ انطلاق المرحلة الانتقالية بعد 2011. انتخابات تحمل معها تحديات أمنية وسياسية معقدة، لكنّها تفتح الباب أمام أمل جديد نحو الاستقرار.
بحسب تصريحات عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، فإن المرحلة الثانية من الانتخابات ستشهد زيادة لافتة في أعداد الناخبين ومراكز الاقتراع بنسبة تفوق ثلاثة أضعاف المرحلة الأولى، التي جرت في نوفمبر الماضي. هذه الزيادة تضع عبئًا كبيرًا على منظومة الانتخابات التي تسعى لتحقيق معايير الشفافية والنزاهة.
ما يميز هذه الجولة الانتخابية هو أنها تستهدف بلديات ذات ثقل سياسي واجتماعي كبير، مثل طرابلس وبنغازي. يقول المحللون إن هذه البلديات تمثل “مراكز الثقل في المعادلة الليبية”، وإن نجاح الانتخابات فيها سيكون نقطة فاصلة نحو مستقبل أكثر استقرارًا.
رغم التحضيرات المكثفة، إلا أن تحديات الأمن تفرض نفسها بقوة على المشهد. ففي المنطقة الشرقية، نفى وزير الداخلية بالحكومة الليبية عصام أبو زريبة أن تمثل هذه التحديات تهديدًا حقيقيًا، معتبرًا إياها جزءًا من “التنافس الديمقراطي”.
وأضاف أبو زريبة أن إدارة حماية وتأمين الانتخابات على أتم الاستعداد دائماً للتنسيق لإجراء أي اقتراع، من خلال غرف أمنية خاصة بها في المناطق كافة، قائلا “نحن مستعدون للانتخابات دائماً، ونجدد نشاط منتسبينا من خلال عقد ورش العمل الخاصة بالشأن ذاته لرفع مستوى الأداء”.
في المقابل، تظل المنطقة الغربية محط الأنظار، خاصة في مدينة الزاوية، التي تشهد عمليات عسكرية مثيرة للجدل. ويرى مراقبون أن هذه العمليات قد تُلقي بظلالها على الانتخابات، وتُعقّد من إجراءات التصويت.
رغم التحديات، هناك دعم دولي واسع للانتخابات البلدية في ليبيا. مجلس الأمن الدولي والبعثة الأممية والدول الكبرى أكدت جميعها ضرورة إنجاح هذه التجربة. ويعتبر المحللون أن هذا الدعم “بصيص أمل” لتحويل ليبيا إلى نموذج ديمقراطي يحتكم لصندوق الاقتراع بدلًا من السلاح.
ويشير المحللون إلى أن نجاح الجولة الأولى من الانتخابات التي شهدت نسبة مشاركة 74% يمثل عامل تفاؤل قوي. لافتين إلى أن الاستمرار في هذا النهج يمكن أن يؤدي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، وهو ما يطمح إليه كل الليبيين”.
بالرغم من هذه الإيجابيات، لا يزال هناك قلق من الجماعات المسلحة التي وصفها المحللون بأنها “تأتمر بأوامر قادة سياسيين”، معتبرًا أن الانتخابات قد تطيح بمصالح هؤلاء القادة، ما قد يدفعهم لعرقلة العملية الديمقراطية.
بينما تترقب ليبيا هذه المرحلة المفصلية، يتأرجح المشهد بين تفاؤل بالنجاح وحذر من التعقيدات. ومع كل صوت يُدلَى في صناديق الاقتراع، تزداد فرصة تحقيق استقرار يُعيد لليبيا مكانتها على خارطة السلام والتنمية.