في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على الساحة الليبية، وافق مجلس الأمن الدولي على رفع التجميد عن أصول المؤسسة الليبية للاستثمار. قرارٌ بدا للبعض أنه يحمل بارقة أمل لتحريك عجلة الاقتصاد، لكنه حمل في طياته، بحسب سعد بن شرادة، عضو مجلس الدولة الاستشاري، كارثة اقتصادية محتملة تهدد البلاد.
بن شرادة، حذّر من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عن هذا القرار. في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24”وصف القرار بأنه “كارثة اقتصادية”، مشيرًا إلى أنه يفتح الباب أمام “المافيات الدولية” لاستغلال الأصول الليبية عبر شبكات عملائها.
ينظر بن شرادة إلى توقيت القرار بعين الريبة، في ظل الانقسام السياسي الذي يهيمن على المشهد الليبي. ويُطرح تساؤل جوهري: كيف يمكن إدارة أصول مؤسسة سيادية في ظل تعدد السلطات؟ هذا الانقسام لا يُضعف قدرة الدولة على حماية أصولها فحسب، بل يمنح الفرصة للعناصر الخارجية لاستغلال الوضع لصالحها.
ويضيف بن شرادة أن “ما يُسمى برفع التجميد ليس سوى نافذة تتيح للمافيات الدولية اختراق الاقتصاد الليبي”. يُعد هذا التصريح إشارة واضحة إلى مخاوف حقيقية بشأن الفساد والاستغلال الذي قد يرافق إدارة تلك الأصول.
يبدو أن القرار الدولي يستند إلى فكرة أن إدارة الأصول المجمدة ستعود بالنفع على الاقتصاد الليبي، لكن الواقع قد يكون أكثر تعقيدًا. فمن جهة، هناك من يرى أن استثمار الأصول يمكن أن يُحدث فرقًا في تحسين الخدمات والبنية التحتية. ومن جهة أخرى، يُحذّر خبراء الاقتصاد والسياسة من أن الأوضاع الراهنة لا توفر ضمانات كافية لسلامة تلك الأصول.
بينما تسعى الأطراف الليبية المختلفة إلى تعزيز نفوذها في هذا الملف، يبقى السؤال الكبير: كيف سيتم ضمان عدم استغلال الأصول المجمدة؟ وما هي الآليات التي ستُتخذ لتفادي تحول هذا القرار إلى “ثقب أسود” يبتلع أموال الليبيين؟
في ظل غياب توافق سياسي واضح، يبرز خطر التنازع على إدارة تلك الأصول. هذا التنازع، بحسب خبراء، قد يتحول إلى معركة قانونية ودبلوماسية طويلة الأمد، تضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد الليبي.
تُظهر تصريحات بن شرادة أن المخاوف لا تنبع فقط من النوايا الدولية، بل من الوضع الداخلي المتأزم. وإذا لم تُتخذ خطوات جدية لتعزيز الشفافية وحوكمة الأصول، فإن قرار رفع التجميد قد يتحول من فرصة للنهوض بالاقتصاد إلى لعنة تُعمّق أزمات ليبيا الاقتصادية والسياسية.