تعيش مدينة مصراتة لحظات فارقة تحت وطأة موجة جديدة من القمع والاضطهاد، أثارت حفيظة مكونات المدينة السياسية والمجتمعية، ودعت إلى إصدار بيان حاسم يرفض هذه الممارسات.
رفض القمع ونداء الحرية
عبّر البيان المشترك عن استياء عارم تجاه ما وصفه بممارسات القمع والخطف والقتل خارج القانون، محذراً من تداعيات خطيرة تهدد السلم الاجتماعي في المدينة. حرية الرأي والتعبير، التي طالما شكلت أحد أهم مكتسبات الثورة، وُضعت اليوم على المحك، مما دفع الجهات الموقعة على البيان إلى إطلاق نداء عاجل لـ عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة منتهية الولاية لتحمل مسؤولياته والعدول عن سياسات القمع.
القضاء في دائرة المسؤولية
طالب البيان المجلس الأعلى للقضاء والنائب العام بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الانتهاكات، وتحديد الجهات الأمنية المسؤولة عن عمليات التحري والقبض. جاء ذلك في إطار التأكيد على ضرورة احترام القانون والالتزام بمبادئ العدالة التي تُعد صمام الأمان لأي مجتمع يطمح للاستقرار.
مجلس الأعيان والمصالحة
لم تغفل الجهات الموقعة على البيان الدور الهام للمجلس البلدي المنتخب، حيث دعت إلى إعادة تشكيل مجلس الأعيان والحكماء بشكل متوازن يمثل كافة أطياف المجتمع. الهدف من هذا الإجراء ليس فقط رأب الصدع ومعالجة ما ترتب على جرائم الخطف والقتل، بل أيضاً ضمان تعزيز المصالحة الاجتماعية كخطوة محورية لإنهاء الأزمة المتفاقمة.
رفض عودة الاستبداد
أبناء مصراتة، أكدوا أنهم لن يقبلوا بعودة مدينتهم إلى حكم العائلة أو الفرد. المدينة التي كانت دوماً نموذجاً للصمود الجماعي تُصر اليوم على التمسك بمبادئها، مهما بلغت التحديات.
رسائل تحذيرية للحكومة
البيان لم يكن مجرد وثيقة رفض، بل جاء مصحوباً بتحذيرات صريحة لـ عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة منتهية الولاية، تشير إلى أن استمرار القمع والتنكيل بالمعارضين قد يؤدي إلى نتائج لا تُحمد عقباها. هذه الرسالة تحمل في طياتها دعوة صريحة للحكومة لإعادة النظر في سياساتها الأمنية، والابتعاد عن نهج المواجهة مع الخصوم السياسيين.
مصراتة.. معقل التغيير
تاريخياً، عُرفت مصراتة بكونها مركزاً للحراك السياسي والاجتماعي في ليبيا. لذلك، فإن محاولات إخضاعها أو تقييد حرياتها ليست مجرد أزمة محلية، بل تهديداً لمبادئ الثورة الليبية ككل. أبناء المدينة، الذين أظهروا شجاعة استثنائية خلال سنوات الصراع، يثبتون اليوم أنهم لن يقبلوا بالعودة إلى الوراء، مؤكدين أن مصراتة ستبقى قلعة للحرية بجهود أبنائها وإرادتهم التي لا تلين.
في هذه اللحظة الحرجة، تبرز الحاجة إلى حكمة القيادة السياسية واستجابة حقيقية لمطالب الشعب. إن إعادة بناء الثقة بين السلطات وأهالي المدينة، واحترام حقوق الإنسان، تُعد مفتاحاً للخروج من الأزمة وتجنيب مصراتة مخاطر الفوضى التي لا تزال تلوح في الأفق.