ليبيا الان

مصرف ليبيا المركزي في مواجهة حاسمة.. هل تتحقق الميزانية الموحدة

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد سياسي واقتصادي معقد، يخوض مصرف ليبيا المركزي جولة جديدة من المشاورات مع الأطراف السياسية، سعيًا إلى توحيد الميزانية العامة للدولة. هذه المفاوضات التي يصفها مراقبون بـ”الصعبة”، تأتي في ظل انقسام سياسي عميق، حيث تتنازع حكومتان متوازيتان على إدارة الموارد، فيما يواجه المصرف المركزي تحديًا غير مسبوق يتمثل في محاولة ضبط الإنفاق العام وإرساء مبدأ الشفافية المالية.

لم تكن الأزمة المالية وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى عام 2014، عندما فرضت الظروف السياسية والاقتصادية ترتيبات مالية مؤقتة بديلاً عن الميزانية الموحدة. ومنذ ذلك الحين، لم تنجح أي حكومة متعاقبة في وضع حد لهذه الفوضى، ليظل المشهد المالي في ليبيا محكومًا بمنطق التقاسم السياسي والتجاذبات الإقليمية.

يرى عضو مجلس إدارة  مصرف ليبيا المركزي سابقًا، امراجع غيث في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، أن هذه الترتيبات المالية تمثل “بدعة اقتصادية”، أفرزها اتفاق الصخيرات عام 2015، وهو الاتفاق الذي لم يفلح في توحيد مؤسسات الدولة، بما فيها المالية، بل على العكس، زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي.

بينما يحاول مصرف ليبيا المركزي الدفع باتجاه توحيد الميزانية، تتزايد الضغوط الدولية عليه من قبل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، اللذين يطالبان بإرساء قاعدة مالية موحدة كخطوة أساسية نحو إعادة الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

ويؤكد المحلل الاقتصادي وحيد الجبو أن هذه الضغوط قد تساهم في دفع الأطراف نحو تقديم تنازلات، لكنها ليست كفيلة بفرض حل نهائي، فالأزمة الحقيقية تكمن في التنازع الداخلي على السلطة والموارد، وليس فقط في غياب الميزانية الموحدة.

يشكل بند الإنفاق العام أحد أبرز نقاط الخلاف بين الأطراف السياسية. ففي حين أطلقت حكومة عبد الحميد الدبيبة، منتهية الولاية، في طرابلس مشروعات تنموية تحت شعار “عودة الحياة”، تبنّت الحكومة الليبية في الشرق، برئاسة أسامة حماد، خطة “إعادة الإعمار”. ورغم أن كلا المشروعين يهدفان إلى تحسين البنية التحتية، إلا أنهما يعكسان صراعًا واضحًا على النفوذ المالي.

يشير اقتصاديون إلى أن الأزمة تكمن في عدم وجود قناة موحدة لصرف الميزانية، وهو ما يجعل كل طرف يتحكم في جزء من الإنفاق بعيدًا عن أي رقابة حقيقية. ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة، فتح الله السريري، أن “غياب وحدة الصرف يقف حجر عثرة أمام أي محاولة جدية لإقرار ميزانية متفق عليها”.

بحسب الأرقام الرسمية، بلغت إيرادات الدولة الليبية لعام 2024 حوالي 123.5 مليار دينار، معظمها من مبيعات النفط، فيما تجاوز حجم الإنفاق 132.2 مليار دينار. هذه الفجوة المالية تكشف حجم التحديات التي تواجه المصرف المركزي في محاولته ضبط الميزانية.

ويرى نائب رئيس لجنة التخطيط والموازنة العامة بمجلس النواب، المهدي الأعور، أن التجارب السابقة لم تعطِ الكثير من الأمل في إمكانية نجاح أي مشاورات جديدة، مشيرًا إلى أن محاولة توحيد الميزانية العام الماضي فشلت بسبب الضغوط السياسية، وعدم التزام بعض الجهات بتقديم البيانات المالية اللازمة.

في ظل هذه التحديات، يتمسك محافظ المصرف المركزي ونائبه بضرورة إيجاد حلول جذرية للأزمة المالية، معتمدين على خبراتهم المصرفية الطويلة، غير أن نجاح هذه المشاورات يبقى مرهونًا بمدى استعداد الأطراف السياسية لتقديم تنازلات حقيقية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الفئوية.

وفي النهاية، يظل توحيد الميزانية في ليبيا حلمًا مؤجلًا، يصطدم بواقع سياسي واقتصادي معقد، حيث يبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الأطراف الليبية تجاوز خلافاتها وتحقيق التوافق المالي الذي طال انتظاره؟ أم أن مسلسل الانقسام سيستمر في تكريس الفوضى المالية التي تعيشها البلاد منذ سنوات؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24