في مساء يوم خريفي هادئ، انقلب المشهد السياسي في ليبيا على وقع حدث لم يكن في الحسبان، إذ اعتقلت القوة المشتركة وزير الدولة في الحكومة الليبية، محمد أبوزقية، في قلب مدينة مصراتة. جاء الاعتقال بناءً على أمر ضبط وإحضار صادر منذ أشهر، لكن توقيته وتفاصيله أثارا موجة من التساؤلات حول ما إذا كان مجرد تنفيذ قانوني أم خطوة ذات أبعاد سياسية.
العملية الأمنية.. تفاصيل التوقيف
بمنطقة الزروق، أحد الأحياء المزدحمة في مصراتة، وعند تقاطع شارع صور سعود، اعترضت القوة المشتركة سيارة الوزير أبوزقية مساء الخميس. طوقت القوة المكان بسرعة مذهلة، وأُجبر أبوزقية على النزول من مركبته قبل أن يُقتاد إلى جهة غير معلنة.
أفادت مصادر مراسل “أخبار ليبيا 24” بأن العملية تمت دون مقاومة تذكر، وأن الوزير بدا متفاجئًا لكنه لم يحاول الفرار. وأكدت المصادر ذاتها أن أمر الضبط والإحضار الصادر بحق أبوزقية لم يكن جديدًا، بل يعود إلى أشهر عدة، ما يطرح تساؤلًا حول سبب عدم تنفيذه في وقت سابق، ولماذا اختير هذا التوقيت بالذات؟
أبعاد قانونية أم تصفية حسابات؟
تشير المعلومات الأولية إلى أن التوقيف جاء على خلفية شكوى قضائية رفعها أحد المواطنين ضد الوزير، وهي قضية ذات طابع شخصي. ومع ذلك، فإن توقيف مسؤول بحجم وزير الدولة لا يمكن أن يكون حدثًا عاديًا في ظل المشهد السياسي المتشابك في ليبيا.
مصادر قانونية أكدت لمراسل “أخبار ليبيا 24” أن النيابة العامة في عطلة نهاية الأسبوع، ما يعني أن احتجاز الوزير سيمتد إلى ما لا يقل عن ثلاثة أيام، وهي مدة قد تفتح الباب أمام احتمالات أخرى، خاصة في ظل التوترات السياسية القائمة بين حكومتي أسامة حماد وعبدالحميد الدبيبة.
القوة المشتركة ودورها في مصراتة
القوة المشتركة التي نفذت العملية تتبع حكومة الدبيبة منتهية الولاية، وهو ما يثير تساؤلات إضافية حول مدى التنسيق بين الجهات القضائية والتنفيذية، وهل هذا الاعتقال تم لأسباب قانونية بحتة أم أنه يأتي في إطار صراع سياسي غير معلن؟
خبراء أمنيون تحدثوا لـ“أخبار ليبيا 24”، معتبرين أن “توقيت الاعتقال يوحي بأن هناك نوايا أبعد من مجرد تنفيذ أمر قضائي، خاصة أن تنفيذ هذه الأوامر غالبًا ما يتطلب موافقات عليا عندما يكون الأمر متعلقًا بشخصية سياسية بارزة”.
ردود فعل متباينة
على الصعيد السياسي، لم يصدر حتى اللحظة أي تعليق رسمي من الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد بشأن اعتقال وزيرها. لكن مصادر قريبة من الحكومة وصفت العملية بأنها “تماحيك سياسية” تهدف إلى إضعاف الحكومة المناوئة في الشرق.
في المقابل، يرى مقربون من حكومة الدبيبة أن تنفيذ أمر القبض ليس سوى تطبيق للقانون، بغض النظر عن المناصب. أحد المصادر قال لـ“أخبار ليبيا 24”: “الوزير مواطن ليبي، وإذا كان هناك أمر ضبط وإحضار صادر بحقه، فلا حصانة له أمام القانون”.
الاحتجاز.. خطوة قانونية أم عقوبة سياسية؟
إذا كان الاحتجاز لثلاثة أيام ناتجًا فقط عن العطلة القضائية، فإن الأمر قد يُفسَّر على أنه مجرد مصادفة قانونية. لكن في دولة منقسمة سياسيًا وأمنيًا كليبيا، يصعب إغفال الجانب السياسي لأي حدث من هذا النوع.
يرى محللون أن هذه الواقعة ربما تكون بداية لموجة جديدة من التصعيد بين الحكومتين المتنافستين، خاصة إذا ما قررت حكومة حماد التصعيد ردًا على ما وصفه أحد أعضائها بـ”عملية التنكيل المقنعة بالقانون”.
سيناريوهات محتملة
أمام هذا المشهد، يمكن رسم عدة سيناريوهات لما قد يحدث في الأيام المقبلة:
بين مطرقة القانون وسندان السياسة، يبقى احتجاز وزير الدولة الليبي محمد أبوزقية حدثًا مفتوحًا على احتمالات عدة. فهل هو مجرد تنفيذ قانوني لأمر قضائي أم بداية لجولة جديدة من صراع النفوذ بين الحكومتين؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بكشف الخفايا الحقيقية وراء هذا الاعتقال المفاجئ.