ليبيا الان

ليبيا أمام مفترق طرق جديد… هل تنجح تيتيه

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

ليبيا تستحق الاهتمام وتنتظر الكثير.. هل تنجح تيتيه فيما فشل فيه سابقيها؟

حينما لامست أقدام حنا سيروا تيتيه أرض طرابلس اليوم، لم تكن فقط رحلة بروتوكولية تحمل توقيع الأمم المتحدة، بل كانت بداية فصل جديد في قصة ليبيا المضطربة. قصة تكررت فصولها مراراً بين الأمل واليأس، بين الوعد والخذلان. إلا أن هذه المرة، يتساءل الجميع: هل تكون تيتيه هي نقطة التحول المنتظرة؟ أم أن ليبيا ستبقى عالقة في دائرة الوعود غير المنجزة؟

وصول محمّل بالآمال والتحديات
منذ لحظة وصولها، بدت تيتيه مدركة تماماً لثقل المهمة التي تنتظرها. ففي بلد مزّقته الصراعات والنزاعات الداخلية لعقد كامل، لا تكفي الكلمات وحدها لتهدئة النفوس أو لرأب الصدوع. مع ذلك، وقفت حنا سيروا تيتيه بحزم أمام التحديات، متعهدة بأنها ستكون صوت الليبيين أنفسهم في مسار الحل، ولن تسمح لأي قوة خارجية بأن تفرض مساراً لا يعبّر عن إرادة أبناء ليبيا.

تيتيه ليست جديدة على مسرح الوساطات الدولية. فهي دبلوماسية متمرسة، شغلت مناصب رفيعة في الاتحاد الإفريقي، وعُرفت بنهجها القائم على الاستماع والتواصل قبل اتخاذ القرارات. لكنها تدرك أن ليبيا تختلف عن أي ساحة أخرى خاضت غمارها. فالصراعات هنا معقدة ومتداخلة، تتشابك فيها المصالح الدولية مع الحسابات المحلية.

حل يقوده الليبيون.. شعار أم واقع؟
في بيانها الأول، أكدت تيتيه التزامها بقرار مجلس الأمن رقم 2755 لسنة 2024، مشددة على أن الحل يجب أن يكون “ليبيًا خالصًا” يقوده ويملكه الليبيون أنفسهم. كلمات سمعها الليبيون مراراً وتكراراً من المبعوثين السابقين، لكنها غالباً ما كانت تصطدم بواقع مرير من الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية.

وهنا يكمن التحدي الأكبر أمام تيتيه: كيف تترجم هذا الشعار إلى واقع ملموس؟ كيف تجمع شتات الأطراف المتناحرة وتجعلهم يجلسون على طاولة واحدة بروح المصالحة؟

التنوع الليبي.. قوة أم ضعف؟
من أبرز النقاط التي شددت عليها تيتيه في بيانها هو “التنوع الليبي”، معتبرة إياه مصدر قوة لا ضعف. تحدثت عن ضرورة إشراك الجميع – من سياسيين وزعماء قبائل إلى النساء والشباب والمجتمع المدني. لكنها تعلم أن هذا التنوع لطالما كان سلاحاً ذا حدين، إذ استُخدم في كثير من الأحيان لتغذية الانقسامات والصراعات.

في هذا السياق، يبدو أن تيتيه تراهن على الحوارات المجتمعية القاعدية – تلك التي تنطلق من القرى والمدن الصغيرة لتصل إلى مراكز القرار – كآلية فعالة لبناء الثقة المفقودة بين أبناء الوطن الواحد.

انتخابات شاملة… حلم مؤجل؟
أحد الملفات الشائكة التي تنتظر تيتيه هو ملف الانتخابات الوطنية. فقد فشلت المحاولات السابقة في تنظيم انتخابات شاملة بسبب الخلافات حول القوانين الانتخابية وشروط الترشح. لكن تيتيه تعهدت بدفع هذا الملف إلى الأمام، معتبرة أن الانتخابات هي السبيل الوحيد لإعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة.

غير أن الطريق نحو صناديق الاقتراع محفوف بالعقبات: من غياب الثقة بين الأطراف، إلى الانقسامات الجغرافية والسياسية، فضلاً عن التهديدات الأمنية المستمرة. فهل تتمكن تيتيه من تجاوز هذه العقبات وقيادة ليبيا نحو انتخابات فعلية، أم أن الحلم سيبقى مؤجلاً مرة أخرى؟

دور الفاعلين الدوليين… دعم أم تدخل؟
لم تغفل تيتيه في بيانها أهمية التعاون مع الفاعلين الإقليميين والدوليين، لكنها شددت على أن هذا الدعم يجب أن يكون موجهاً لخدمة الليبيين لا لمصالح القوى الكبرى. وهنا تدخل في حقل ألغام دبلوماسي، إذ أن ليبيا كانت ولا تزال ساحة لتقاطع مصالح إقليمية ودولية متناقضة.

التحدي أمام تيتيه يتمثل في الحفاظ على توازن دقيق بين الاستفادة من الدعم الدولي دون السماح بأي تدخل يقوّض استقلالية القرار الليبي.

رسائل الأمل والحذر
في ختام بيانها، بعثت تيتيه برسالة واضحة: “الأمم المتحدة ستظل إلى جانب ليبيا حتى تجد طريقها إلى الاستقرار والديمقراطية.” كلمات تبعث الأمل، لكنها مشفوعة بقدر كبير من الحذر. فليبيا بلد الألغام السياسية والمجتمعية، وكل خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى نتائج كارثية.

هل تنجح تيتيه فيما فشل فيه سابقيها؟
الجواب ليس بسيطاً. النجاح في ليبيا يتطلب مزيجاً من الصبر، الفهم العميق لتعقيدات المشهد، والقدرة على بناء الجسور بين الأطراف المتناحرة. تيتيه تبدو مدركة لذلك، لكن يبقى السؤال: هل ستتمكن من ترجمة وعودها إلى واقع ملموس؟

ربما يكون الوقت وحده هو القادر على كشف الإجابة. لكن الأكيد أن ليبيا تستحق الاهتمام وتنتظر الكثير… ولن يغفر لها التاريخ تكرار الفشل مرة أخرى.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24