ليبيا الان

تمديد ترامب للطوارئ الأمريكية بشأن ليبيا يُعمّق التساؤلات حول جدواه

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في العشرين من فبراير 2025، وقع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا يقضي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية بشأن ليبيا لعام آخر، مستندًا إلى ذات الأسس القانونية التي بدأت عام 2011 خلال الأيام الأخيرة من حكم معمر القذافي. قرار التمديد هذا أثار موجة من التساؤلات، خاصة مع تغير الواقع الليبي بشكل جذري منذ الإطاحة بالقذافي. فهل لا تزال مبررات إعلان الطوارئ قائمة؟ أم أن القرار أصبح مجرد روتين بيروقراطي يعكس سياسة أمريكية متحجرة تجاه ليبيا؟

عندما صدر الأمر التنفيذي 13566 في عام 2011، كانت دوافعه واضحة ومحددة: وقف قمع المدنيين، منع اختلاس أصول الدولة الليبية، والحد من تدهور الوضع الأمني في البلاد. لاحقًا، في 2016، توسع نطاق الطوارئ عبر الأمر التنفيذي 13726 ليشمل استمرار العنف، الهجمات على المؤسسات الحكومية، انتهاكات حقوق الإنسان، وخرق حظر الأسلحة المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي.

لكن بعد مرور أكثر من 14 عامًا، لم تعد ليبيا الدولة ذاتها. انتهى نظام القذافي، ومرت البلاد بفصول من الحروب الأهلية، التفاهمات السياسية المتعثرة، والتدخلات الدولية المتشابكة. ومع ذلك، لا تزال حالة الطوارئ الأمريكية قائمة بذات الشكل القانوني الذي استُخدم ضد نظام لم يعد موجودًا.

يقول عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر العام السابق، إن تمديد حالة الطوارئ يعكس جمودًا سياسيًا أمريكيًا تجاه ليبيا. “تمديد حالة الطوارئ لعام آخر دون مراجعة واقعية للوضع الحالي يعني أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتمد على قرارات قديمة لا تعكس الحقيقة المعقدة لليبيا اليوم”، يوضح اليسير.

ويضيف اليسير في منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ورصدته أخبار ليبيا 24 : “العقوبات الاقتصادية والقيود المالية التي يفرضها هذا الإعلان تُبقي ليبيا تحت ضغط دولي، لكنها تستند إلى سياقات لم تعد موجودة. البلاد تواجه تحديات سياسية وأمنية جديدة تتطلب معالجة مختلفة.”

أحد أبرز الانتقادات التي يوجهها المحللون لهذا القرار هو التساؤل حول دوافعه الحقيقية. هل تمديد حالة الطوارئ يعكس قلقًا حقيقيًا بشأن الأمن والاستقرار في ليبيا؟ أم أنه مجرد أداة سياسية تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على الأطراف الليبية؟

يقول خبراء القانون الدولي إن قرارات الطوارئ الوطنية في الولايات المتحدة غالبًا ما تتحول إلى أدوات سياسية تُستخدم لتحقيق أهداف خارجية. “هناك أمثلة عديدة على تمديد حالات الطوارئ لعقود دون مراجعة جدية، كما هو الحال مع العقوبات على كوبا وإيران”، يذكر أحد المحللين.

استمرار حالة الطوارئ يعني الإبقاء على العقوبات الاقتصادية وتجميد الأصول الليبية في الخارج، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الليبي الهش. الشركات الليبية تجد صعوبة في الدخول إلى الأسواق العالمية، والقيود المالية تزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية.

سياسيًا، يشكل القرار عامل ضغط على الأطراف الليبية المختلفة، لكنه أيضًا يغذي الخطاب المناهض للتدخل الأجنبي. فبينما تعتبر بعض القوى السياسية الليبية العقوبات أداة ضرورية للحد من الفساد وضمان استقرار البلاد، ترى أطراف أخرى أنها تكرّس الانقسام وتعرقل الجهود الوطنية.

يشير عبد المنعم اليسير إلى أن استمرار الاعتماد على أمر تنفيذي صدر في 2011 أمر غير منطقي. “الأوضاع في ليبيا اليوم تتطلب إطارًا قانونيًا جديدًا يعكس التحديات المعاصرة. تمديد حالة الطوارئ لا يخدم المصالح الليبية ولا حتى الأمريكية”.

يقترح بعض المحللين إصدار أمر تنفيذي جديد يأخذ في الاعتبار الوضع الحالي، مع التركيز على مكافحة الإرهاب، دعم المؤسسات الشرعية، وتشجيع الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين. مثل هذا القرار سيحمل رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة تتابع التطورات في ليبيا بشكل واقعي وتتبنى سياسة مرنة وقابلة للتكيف.

من الناحية القانونية، يثير استمرار حالة الطوارئ دون مراجعة انتقادات حادة. فالإبقاء على العقوبات دون تحديث يتعارض مع مبدأ العدالة الدولية، خاصة إذا كانت العقوبات لا تتماشى مع الواقع الحالي.

دبلوماسيًا، يؤثر القرار على العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا. بينما تعتمد واشنطن على العقوبات كأداة ضغط، فإن طرابلس ترى في هذا التمديد إشارة سلبية تُظهر عدم جدية الولايات المتحدة في دعم الاستقرار الحقيقي.

تمديد حالة الطوارئ بشأن ليبيا يعكس نمطًا أمريكيًا معتادًا في السياسة الخارجية، حيث تتحول القرارات المؤقتة إلى سياسات طويلة الأمد دون مراجعة حقيقية. هذا النمط يثير تساؤلات حول مدى مرونة الإدارة الأمريكية في التعامل مع الواقع الدولي.

إذا كان الهدف الحقيقي هو دعم ليبيا ومساعدتها على تحقيق الاستقرار، فإن استمرار تطبيق سياسات قديمة يتناقض مع هذا الهدف. لذلك، يتطلب الأمر مراجعة جدية وشاملة لكيفية استخدام الولايات المتحدة لحالات الطوارئ الوطنية كأداة للسياسة الخارجية.

يظل السؤال مفتوحًا: هل ستتخذ الإدارة الأمريكية خطوة جريئة وتعيد تقييم حالة الطوارئ بشأن ليبيا؟ أم أن القرار سيظل جزءًا من روتين بيروقراطي يفتقر إلى التحديث؟

ما هو مؤكد أن ليبيا اليوم ليست ليبيا 2011، وأي سياسة دولية ناجحة يجب أن تعكس هذه الحقيقة. أما الإبقاء على قرارات قديمة، فهو لا يخدم سوى تأجيل المواجهة مع الواقع وتعقيد الحلول الممكنة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24