ليبيا الان

اجتياح الجراد للجنوب يهدد المحاصيل الزراعية

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في قلب الجنوب، حيث تمتد المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية والمراعي الطبيعية، يلوح خطرٌ داهم في الأفق. أسراب الجراد الصحراوي، تلك الكائنات الصغيرة ذات التأثير المدمر، اجتاحت مناطق واسعة من الجنوب الليبي، ناشرةً الذعر بين المزارعين والرعاة ومهددةً مصدر رزق آلاف الأسر.

يؤكد المستشار الفني باللجنة الوطنية لمكافحة الجراد الصحراوي، حسين البريكي، أن أسراب الجراد بدأت في التوافد من شمال السودان وتشاد والنيجر، إضافة إلى جنوب الجزائر. هذه الأسراب، التي وجدت في الجنوب الليبي بيئة مناسبة بفضل الأمطار الغزيرة والسيول الأخيرة، سرعان ما انتشرت في مناطق واسعة مثل جنوب شرق الكفرة وجبال أركنو، وصولاً إلى شمال الكفرة، بالإضافة إلى زويلة وسمنو وغات ووادي البوانيس وعتبة وتمسة.

لم تكن الأمطار والسيول مجرد عامل إنعاش للغطاء النباتي في الجنوب الليبي، بل كانت سببًا مباشرًا في تفاقم الأزمة. فهذه الظروف البيئية المثالية وفّرت للجراد بيئة خصبة للتكاثر والانتشار. يقول البريكي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24: “جريان الأودية والسيول ساعد بشكل كبير في انتشار أسراب الجراد، مما زاد من تعقيد مهمة فرق المكافحة”.

رغم إدراك اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد لخطورة الوضع، إلا أن ضعف الإمكانيات يشكل عقبة رئيسية أمام جهود المكافحة. البريكي أوضح أن اللجنة شكّلت فرق عمل ميدانية، لكنها تعمل بإمكانيات محدودة لا تفي بمتطلبات الأزمة. وأكد قائلاً: “نحن بحاجة ماسة إلى ميزانية طوارئ ودعم عاجل لاحتواء هذا الانتشار قبل أن يمتد تأثيره المدمر إلى مناطق زراعية أوسع”.

يشكل الجراد الصحراوي تهديدًا خطيرًا للغطاء النباتي والمشاريع الزراعية في الجنوب الليبي. هذه الأسراب قادرة على التهام كميات ضخمة من المحاصيل في وقت قصير، مما يعرض الأمن الغذائي في البلاد للخطر. البريكي يحذر قائلاً: “ندق ناقوس الخطر ونناشد السلطات للتدخل العاجل قبل أن نخسر المزيد من الأراضي الزراعية”.

لم تقف الأزمة عند حدود الأسراب الحالية، بل إن هناك مخاوف جدية من وصول موجات جديدة من الجراد من دول الجوار التي تعاني بدورها من نفس الظاهرة. البريكي شدد على أن الخطر لا يزال قائمًا قائلاً: “إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة الآن، فإن موجات جديدة قد تصل قريبًا، مما سيضاعف حجم الكارثة”.

في مناطق مثل غات والكفرة وتازربو، يقف المزارعون والرعاة عاجزين أمام جحافل الجراد التي تلتهم محاصيلهم ومراعيهم. يقول أحد المزارعين في وادي البوانيس: “عمل شهور ضاع في أيام معدودة. الجراد دمر محاصيلنا بالكامل، ولا نملك الوسائل لمواجهته”.

في ظل هذا الوضع المتأزم، وجهت اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد نداءً عاجلاً إلى السلطات الليبية لصرف ميزانية طوارئ وتوفير المعدات اللازمة لمكافحة هذه الآفة. البريكي طالب بتكثيف الجهود قائلاً: “نحتاج إلى طائرات رش مبيدات، وفرق ميدانية مدربة، وإمدادات مستمرة من المواد الكيميائية لمواجهة الجراد بفعالية”.

لا يتوقف تأثير الجراد الصحراوي عند تهديد المحاصيل والمراعي فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد الوطني ككل. فمع تضرر الإنتاج الزراعي، ترتفع أسعار المواد الغذائية، مما يزيد العبء على المواطنين. كما أن انخفاض إنتاج المراعي يهدد الثروة الحيوانية، التي تعد مصدر دخل رئيسي للعديد من الأسر في الجنوب.

تعكس هذه الأزمة أهمية وجود خطط وقائية واستباقية لمواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية. يؤكد خبراء الزراعة أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وتوفير المعدات اللازمة بشكل دائم يمكن أن يقلل من حجم الأضرار في المستقبل. كما أن التعاون الإقليمي مع دول الجوار لمراقبة حركة الجراد قد يسهم في احتواء مثل هذه الأزمات بشكل أسرع.

أسراب الجراد الصحراوي التي تجتاح الجنوب الليبي ليست مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل هي أزمة تهدد الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني. في ظل الإمكانيات المحدودة والغياب النسبي للدعم الحكومي الكافي، يبقى الوضع مفتوحًا على سيناريوهات خطيرة ما لم يتم التحرك السريع والفعال لاحتواء الكارثة.

إن ناقوس الخطر قد دق بالفعل، والكرة الآن في ملعب السلطات الليبية لاتخاذ التدابير اللازمة قبل فوات الأوان.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24