ليبيا الان

اكتشاف هويات 24 مفقودًا منذ 2011 في ليبيا

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في مشهد مؤثر يعكس معاناة السنوات، أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في ليبيا عن تحقيق تقدم جديد في ملف المفقودين الذين اختفوا وسط فوضى الصراع المسلح. فبعد أكثر من عقد من الزمن، تم تحديد هويات 24 مفقودًا، كانوا مجرد أرقام ضمن سجلات الغياب، قبل أن تبوح رفاتهم بهوياتهم عبر تحليل الحمض النووي.

لم يكن الوصول إلى هذه اللحظة أمرًا سهلًا، إذ تطلب الأمر سنوات من البحث المضني والتدقيق العلمي. اللجنة العلمية في الهيئة، التي تضم نخبة من المختصين في البصمة الوراثية، اجتمعت في جلسة حاسمة لمراجعة وتحليل نتائج الاختبارات الجينية. تم أخذ عينات من الرفات التي تم استخراجها من مقابر متعددة، ومقارنتها ببيانات أهالي المفقودين، في عملية تشبه بعث الحياة في روايات كانت طيّ الكتمان.

يؤكد عبدالعزيز الجعفري، مدير إدارة الإعلام في الهيئة، أن هذه العملية تمت بأعلى درجات الدقة والتوثيق، حيث شاركت إدارات متعددة، من البحث عن الرفات، إلى توثيق بيانات ذوي الضحايا، وصولًا إلى الفحص الشرعي. كل خطوة كانت بمثابة كشف عن فصل جديد من مأساة إنسانية، انتظر ذوو الضحايا طويلًا نهايتها.

في مكان آخر من طرابلس، تحديدًا في مقبرة بئر الأسطى ميلاد بمنطقة تاجوراء، عثرت الفرق المختصة على تسع جثث جديدة، كانت مدفونة بصمت، كأنها تنتظر من يعيد لها هويتها. عملية انتشال الجثث لم تكن مجرد إجراء تقني، بل كانت عملية تنقيب في ذاكرة وطن مزقته الصراعات، حيث كان كل رفاة يُستخرج يفتح بابًا جديدًا من الألم والتساؤلات.

الجعفري أوضح أن الهيئة، بالتعاون مع إدارة الطب الشرعي وإدارة الرفات، قامت بأخذ 45 عينة من 15 جثمانًا، ليتم إرسالها إلى المختبرات المختصة لمقارنتها ببيانات أهالي المفقودين. هذه العينات قد تحمل إجابات لعائلات ظلت تمسك بصور أحبائها، متسائلة إن كان مصيرهم قد بات معلومًا أخيرًا.

بعد أن اعتمدت اللجنة العلمية النتائج، تم إرسال التقارير رسميًا إلى مكتب النائب العام في طرابلس، لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة. هذه الخطوة تأتي ضمن نهج متكامل لا يقتصر فقط على التعرف على الهويات، بل يمتد إلى البحث عن العدالة لمن فقدوا أرواحهم وسط العنف.

العملية ليست مجرد بحث جنائي، بل هي جزء من ملف أكثر تعقيدًا يرتبط بالمصالحة الوطنية، وحقوق الضحايا، وكشف الحقيقة أمام الرأي العام. فالهيئة لا تسعى فقط لإغلاق ملف المفقودين، بل لإعادة الاعتبار لهم ولأسرهم، وتحقيق العدالة لمن سُلبت منهم الحياة دون وجه حق.

بالنسبة للأسر التي كانت تنتظر خبرًا عن أحبائها، فإن معرفة مصيرهم يُنهي فصلاً طويلًا من الانتظار المؤلم. رغم قسوة الحقيقة، إلا أن امتلاك إجابة ولو كانت مأساوية، يُعد أفضل من البقاء في دوامة اللايقين.

تمثل هذه الاكتشافات جزءًا صغيرًا من ملف ضخم لا يزال مفتوحًا، إذ إن آلاف العائلات الليبية ما زالت تأمل أن تجد أثرًا لمن فقدتهم. وفي ظل استمرار جهود البحث، يبقى السؤال الأهم: كم من الوقت ستحتاج ليبيا لإغلاق هذا الملف المؤلم بشكل نهائي؟

في النهاية، التعرف على المفقودين ليس مجرد إجراء تقني، بل هو جهد إنساني وأخلاقي قبل أن يكون قانونيًا. فكل هوية تُستعاد، هي شهادة على حق الضحايا في أن لا يكونوا مجرد أرقام منسية. وفي بلدٍ شهد الكثير من التقلبات، تبقى الحقيقة، رغم قسوتها، مفتاحًا أساسيًا للعدالة والمصالحة.

وحتى يأتي اليوم الذي تُستكمل فيه هذه الجهود، سيظل ملف المفقودين شاهدًا على فصل مؤلم من تاريخ ليبيا، يحتاج إلى أكثر من مجرد تقارير رسمية، بل إلى عدالة تداوي جراحًا لم تندمل بعد.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24