قال عبد الله ميلاد المقري، المحلل السياسي الليبي، إن في طرابلس، عاصمة ليبيا الجريحة، والمخطوفة لا تُدار الأمور بمنطق الدولة، بل تُدار بمنطق “من يملك الأرض يملك القرار”، حتى السفارات الأجنبية ومخابراتها تتمدد وتراقب من فوق اسوارها وتخترق مجتمعها المدني، والأمن الداخلي والخارجي يحتفظان بشواهد مأهولة على توظيف أعداد من الليبين يغذون هذه الأجهزة الأجنبية بالمعلومات التي تدخل في إطار التعامل مع الأجنبي ضد مصالح الدولة الليبية العليا.
أضاف في مقال صحفي له، أن “الواقع يقول إن التفاوض غائب، والحوار مقطوع، وكل طرف يستعرض قوته خلف الأبواب المغلقة، وكأنهم يستعدون لجولة جديدة من المواجهة لا تقل دموية عن سابقاتها داخل طرابلس، والمقلق في كل هذا أن عدد المتفرجين أكثر من عدد المتفاوضين. الجميع يراقب بصمت، أو يتحدث خلف الكواليس، بينما مصير العاصمة على المحك، والتوازنات الهشة مهددة بالانفجار في أي لحظة. المؤسسات الرسمية لا تمارس دورها، والسلطة المدنية غائبة، بل مختطفة من قبل سلاح لا يعرف إلا منطق الغلبة”.
وتابع قائلا “طرابلس اليوم لا يحكمها القانون، بل تُدار بمعادلات القوة المسلحة، والتفاهمات غير المعلنة بين اللاعبين الأقوياء. هذه المعادلات ليست إلا وصفة جاهزة للفوضى، خصوصًا في ظل استمرار عجز الدولة عن بناء جيش موحد وأجهزة أمنية محترفة تفرض هيبتها على الجميع دون استثناء.ليبيا لا تستحق هذا العبث. والذين يتمسكون بالمواقع اليوم، قد لا يجدونها غدًا، لأن الأرض التي تُدار بمنطق السلاح لن تكون مستقرة لأي طرف. وإذا لم تُبذل الجهود الوطنية المخلصة من كل القوى الوطنية على كامل الأرض الليبية وأساتذة الجامعات ومنظمات الشباب والطلاب كقوة فاعلة في المشهد الليبي والأحزاب السياسية من أجل تحرير طرابلس من قبضة السلاح، فإننا مقبلون على مرحلة أكثر ظلمة، لن تنج منها حتى تلك الأطراف التي تظن أنها منتصرة اليوم وتتمتع بالغنيمة والسلطة والرفاهية والزيارة للباب العالي”.