“الانتخابات المتزامنة.. بين جدل السياسة وحلم الدستور”
في ظلّ أجواء سياسية مشحونة بالتوتر والترقب، أثارت دعوة النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، لإجراء انتخابات برلمانية عاجلة، عاصفة من الجدل لم تهدأ حتى بعد حذف المنشور من صفحة المتحدث الرسمي باسم المجلس. هذه الدعوة، التي وصفت بأنها “رأي شخصي” من قبل أعضاء المجلس، أعادت إلى الواجهة سؤالاً محورياً: هل يمكن للانتخابات المنفصلة أن تكون مفتاحاً لحل أزمة الدستور، أم أنها ستزيد الطين بلة؟
في قلب هذا الجدل، أكّد علي السويح، عضو المجلس الأعلى للدولة،، الذي في تصريحاته أن لقاء القاهرة بين أعضاء مجلسي النواب والدولة لم يتطرق إلى فصل الانتخابات التشريعية عن الرئاسية. بل على العكس، تم التأكيد على التزام الجميع بما أقرته لجنة 6+6، والتي نصّت على ضرورة تزامن الانتخابات. كلمات السويح لم تكن مجرد تأكيد على التزام قانوني، بل كانت أيضاً تحذيراً من مغبة تكرار فشل التوافق على الدستور، كما حدث في عهد المؤتمر الوطني والبرلمان الحالي.
السويح، في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، ذكّر الجميع بأن الخلافات حول شروط الترشح للرئاسة ليست هينة، وأن أي محاولة للفصل بين الانتخابات قد تؤدي إلى مزيد من التشرذم. “هل يمكن لبرلمان جديد أن يحقق ما فشل فيه سابقوه؟” سؤال طرحه السويح بتوجس، وكأنه يعلم أن الإجابة ليست بالبساطة التي يتصورها البعض.
في خضم هذا الجدل، يبدو أن الدعوة إلى الانتخابات المتزامنة ليست مجرد مسألة إجرائية، بل هي قضية وجودية تتعلق بمستقبل البلاد. فالانتخابات المنفصلة، كما يراها البعض، قد تكون بوابة لتفاقم الأزمات، بينما يرى آخرون أنها قد تكون الحل الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لكن السويح، يرى أن التزام الجميع بما تم الاتفاق عليه هو الطريق الوحيد لتجاوز هذه المرحلة. “الدستور ليس مجرد وثيقة، بل هو عقد اجتماعي يربط بين أطراف الوطن”، يقول السويح، وكأنه يذكّر الجميع بأن الخروج عن هذا العقد قد يكون بداية لنهاية لم يعد أمامها سوى الهاوية.
في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل يمكن للسياسيين أن يتجاوزوا خلافاتهم ويضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار؟ أم أن الجدل حول الانتخابات سيبقى مجرد حلقة أخرى في سلسلة لا تنتهي من الأزمات؟ الإجابة، كما يبدو، ليست في يد السويح أو النويري، بل في يد كل من يؤمن بأن المستقبل يستحق التضحية.
