ليبيا الان

النقاصة: توحيد الجيش مرهون برئيس منتخب

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

في المشهد الليبي المعقد، حيث تتقاطع الملفات الأمنية بالسياسية، يبرز تحدي توحيد المؤسسة العسكرية كأحد أهم العوائق أمام تحقيق الاستقرار المستدام. اللواء مختار النقاصة، عضو اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، يضع خارطة طريق مشروطة لإنجاز هذا التوحيد، تتلخص في ضرورة وجود رئيس منتخب يتمتع بالشرعية والدعم الدولي، وهو طرح يُثير تساؤلات حول قدرة العملية الانتخابية المتعثرة على إنجاز هذا التحول الجوهري.

يرى النقاصة في تصريحات صحفية رصدتها  أخبار ليبيا 24 أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية لا يمكن أن تتم إلا تحت قيادة سياسية شرعية، ممثلة برئيس منتخب قادر على اتخاذ قرارات مصيرية بشأن هيكلة المؤسسة العسكرية وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وهي ملفات شائكة لم تستطع السلطات الحالية التعامل معها بحسم. هذا الطرح يعكس إدراكًا عميقًا لحالة الجمود السياسي التي تعيشها ليبيا، حيث يتوقف التقدم الأمني على تهيئة مناخ سياسي مستقر.

ورغم الدور المحوري للجنة العسكرية المشتركة، فإنها لم تُكلف بعد بوضع تصور لهيكلة الجيش، ما يعكس التحدي القائم في تحقيق التوحيد وسط الانقسام الحاد بين الشرق والغرب. مع ذلك، يشير النقاصة إلى إمكانية الاستفادة من مخرجات اجتماع القاهرة عام 2017، حيث تم إعداد تصور أولي للمؤسسة العسكرية، يأخذ في الاعتبار الواقع الأمني على الأرض.

فيما يتعلق بالدعم الدولي، يؤكد النقاصة أن توحيد الجيش سيحتاج إلى إسناد قوي من دول مسار برلين، وهي الدول المتداخلة في الشأن الليبي، والتي لطالما شكل موقفها عاملاً مؤثرًا في مجريات الأحداث. هذا التصريح يحمل بين طياته إقرارًا ضمنيًا بأن الحلول الداخلية وحدها لن تكفي، وأن المظلة الدولية قد تكون سيفًا ذا حدين، بين دعم الاستقرار أو تعقيد المسار وفقًا لمصالح الدول الفاعلة.

لكن السؤال الأبرز هنا: هل يُمكن لهذه القوى الدولية أن تلعب دورًا حقيقيًا في تحقيق سيادة القرار الليبي، أم أنها ستظل رهينة التوازنات الإقليمية والتجاذبات السياسية التي تعمّق الانقسام بدلًا من حله؟

من الواضح أن اللجنة العسكرية المشتركة، رغم إنجازها في تثبيت وقف إطلاق النار دون خروقات تُذكر، إلا أنها تعمل في بيئة سياسية تسودها الانقسامات الحادة، ما يجعل قراراتها مكبلة بقيود المواقف المتباينة بين الأطراف الليبية المتنازعة. النقاصة نفسه يُقر بهذه المعضلة، معتبرًا أن نجاح الجهود العسكرية لن يكتمل دون تغليب لغة العقل في المشهد السياسي.

في هذا السياق، يبدو أن التفاهم بين العسكريين من الشرق والغرب قد يكون أكثر نضجًا من المشهد السياسي، حيث يشير النقاصة إلى أجواء ودٍّ تسود بين الضباط الليبيين، كونهم ينتمون إلى مؤسسة واحدة وتخرجوا من أكاديميات عسكرية مشتركة. هذا الانسجام، رغم أهميته، لا يكفي لتوحيد الجيش ما لم يُرفد بإرادة سياسية صلبة تقطع مع الانقسام.

لم يغفل النقاصة الإشارة إلى خطر خطاب الكراهية، محذرًا من أن الدعوات الجهوية والتحريضية قد تقود ليبيا نحو التصعيد، وهو ما لا يحتمله الليبيون بعد سنوات من الصراع. هذه النقطة تحديدًا تعكس إدراكًا بأن المعركة اليوم ليست فقط عسكرية أو سياسية، بل إعلامية أيضًا، حيث تؤدي أدوات التحريض دورًا محوريًا في تأجيج الانقسامات وعرقلة المصالحة الوطنية.

في هذا السياق، تأتي جهود اللجنة العسكرية لمواجهة هذه التحديات، حيث شاركت في ورشة عمل بتونس حول مخاطر التحريض، في محاولة لإرساء خطاب معتدل يدعم التهدئة. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تبقى مهددة باستمرار التجاذبات السياسية، مما يُلقي بظلال قاتمة على إمكانية تحقيق نتائج ملموسة.

رغم كل هذه التحديات، لا يبدو النقاصة متشائمًا، بل يضع آماله في اللجنة الاستشارية المكلفة من قبل الأمم المتحدة، معتبرًا أنها قد تكون مفتاح الحل السياسي، لا سيما وأنها تضم خبرات قانونية ودستورية وأكاديمية قادرة على بلورة رؤية توافقية. لكن يبقى السؤال: هل يُمكن لهذه اللجنة أن تفك عقدة الانتخابات المعطلة، أم أنها ستضاف إلى قائمة المبادرات التي فشلت في تحريك المياه الراكدة؟

ملف توحيد المؤسسة العسكرية ليس قضية عسكرية بحتة، بل هو انعكاس للمأزق السياسي والوطني الذي تعيشه البلاد. وبينما تواصل اللجنة العسكرية المشتركة عملها وسط انقسامات سياسية تعيق تقدمها رغم الإنجازات الأمنية، يظل الحل الحقيقي مرهونًا بإرادة وطنية جامعة، ومناخ سياسي قادر على استيعاب هذا التحول الحتمي.

يبقى السؤال المصيري معلقًا: هل ستشهد ليبيا يومًا جيشًا موحدًا تحت قيادة وطنية منتخبة، أم أن الحسابات الإقليمية والدولية ستُبقي هذا الملف رهينة التأجيل والتجاذبات؟

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24