ليبيا الان

اللجنة الاستشارية في ليبيا.. حلّ مرتقب أم أزمة جديدة تلوح

مصدر الخبر / اخبار ليبيا 24

عندما أُعلن عن تشكيل اللجنة الاستشارية في ليبيا، كانت الآمال معقودة على أن تكون هذه الخطوة هي المفتاح السحري لحل المعضلة السياسية التي أرهقت البلاد. ولكن، وكما يقول المثل: “ليس كل ما يلمع ذهبًا”، سرعان ما بدأت الخلافات القديمة تتسلل إلى المشهد، وكأنها شبح يأبى الرحيل.

لقد جاءت هذه اللجنة كجزء من مبادرة سياسية أطلقتها بعثة الأمم المتحدة، محاولةً منها لرأب الصدع وإيجاد حلول “ملائمة تقنيًا وقابلة للتطبيق سياسيًا”، إلا أن الواقع الليبي أثبت مرارًا وتكرارًا أن السياسة ليست مجرد معادلات رياضية، بل هي توازنات حساسة تحكمها المصالح والتجاذبات.

لم تكن لجنة 6+6، التي انبثقت من مجلسي النواب والدولة، بعيدةً عن الانتقادات. فقد تميز عملها بالتعثر والجدل، وهو ما انعكس سلبًا على مصير الاتفاقات التي خرجت بها. فعلى سبيل المثال، أحد أبرز البنود التي أُقرت حينها كان السماح بترشح مزدوجي الجنسية لمنصب الرئاسة بشرط التنازل عن الجنسية الثانية في حال الوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات. هذه النقطة بالتحديد كانت بمثابة “قنبلة موقوتة”، إذ إنها فتحت المجال أمام تأويلات عديدة وشكوك مجتمعية حول نوايا الأطراف السياسية المختلفة.

أما عن قضية نظام الجولتين في الانتخابات الرئاسية، فقد أثارت جدلًا واسعًا. إذ إن إلزام إجراء جولة ثانية حتى لو حصل أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة (50+1) في الجولة الأولى، بدا للبعض وكأنه التفاف على إرادة الناخبين، بينما رأى آخرون أنه ضمانةٌ لعدم حسم الانتخابات من الجولة الأولى لصالح طرف معين دون توافق وطني واسع.

إذا كان هناك ملف دائم الاشتعال في ليبيا، فهو ملف توزيع المقاعد الانتخابية. فزيادة عدد أعضاء البرلمان من 200 إلى 300 عضو أثار تساؤلات حول الغاية من هذا التوسع، خصوصًا في ظل غياب دستور ينظم العملية الانتخابية بشكل واضح. زيادة المقاعد تعني إعادة توزيع الدوائر الانتخابية، ما يفتح الباب أمام صراعات لا تنتهي بين القوى السياسية والمناطقية، ويدفع نحو تعميق الاستقطاب بدلًا من حله.

وهنا يكمن التحدي الأكبر أمام اللجنة الاستشارية الجديدة: هل ستكون قادرة على تجاوز هذه الألغام السياسية؟ أم أنها، كما حدث مع لجنة 6+6، ستجد نفسها عالقة في دوامة المساومات والتسويات غير الحاسمة؟

الواقع يقول إن أي لجنة لا تمتلك سلطة تنفيذية فعلية ستكون أشبه بـ”مدير أزمة” أكثر من كونها “صانع حل”. فمن دون توافق حقيقي بين الفرقاء السياسيين، فإن أي مقترحات مهما كانت جيدة ستبقى مجرد حبر على ورق.

إلى أن تُعلن اللجنة عن أولى نتائج أعمالها، يبقى السؤال معلقًا: هل ستكون هذه المبادرة خطوة نحو الخروج من النفق السياسي المظلم، أم أنها مجرد محطة جديدة في رحلة الدوران في الدائرة المغلقة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكنها بلا شك ستكشف الكثير عن نوايا الأطراف المختلفة ومدى استعدادها لتقديم تنازلات حقيقية من أجل مستقبل ليبيا.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من اخبار ليبيا 24

عن مصدر الخبر

اخبار ليبيا 24