يشكل عيد الفطر في ليبيا مناسبة تتداخل فيها التقاليد العريقة مع مظاهر الحداثة التي غيرت كثيرًا من تفاصيل الاحتفال به. ومع اقتراب العيد، تشهد الأسواق الليبية زحامًا ملحوظًا، حيث يتوافد المواطنون لشراء مستلزمات العيد من ملابس وحلويات، إلا أن هذه الاستعدادات تصطدم بواقع اقتصادي صعب، يتجلى في تراجع القوة الشرائية وارتفاع الأسعار.
أسواق طرابلس وبنغازي مزدحمة رغم تراجع القوة الشرائية
في طرابلس، تزدحم أسواق أبوسليم وباب بن غشير بالمشترين الذين يحاولون التأقلم مع الغلاء. أما في بنغازي، فإن شارع فنيسيا يشهد حراكًا مشابهًا، فيما يتوجه البعض إلى الأسواق الناشئة في الضواحي لتجنب الازدحام المروري الخانق. رغم هذه التغيرات، لا تزال الملابس التراثية الليبية تحظى بإقبال كبير، حيث يفضل العديد من الشباب ارتداء “الكاط ملف” و”الجلابية الطرابلسية”، غير أن هذا الاتجاه لم يسلم من جشع التجار الذين رفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وسائل التواصل تقلل من حميمية المعايدات العيدية
وبعيدًا عن الأسواق، تبرز تغييرات أخرى في مظاهر العيد. فقد تراجعت اللقاءات العائلية لصنع الحلويات التقليدية، حيث أصبح شراء الحلويات الجاهزة خيارًا أكثر رواجًا، ما أفقد هذه الطقوس جزءًا من روحها الاجتماعية. كما أن المعايدات التي كانت تتم عبر الزيارات والمكالمات الهاتفية، أصبحت تعتمد على رسائل قصيرة باردة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يقلل من حميمية المناسبة.
الجمعيات الخيرية تواجه تحديات جديدة في زكاة الفطر
وعلى صعيد آخر، تواصل الجمعيات الخيرية جهودها لمساعدة الأسر الفقيرة، إذ تجمع زكاة الفطر وتوفر ملابس العيد للأطفال المحتاجين. لكن الخلافات المتزايدة حول وجوب إخراج الزكاة نقدًا أو على شكل طعام انعكست على موارد هذه الجمعيات، ما يضعف قدرتها على دعم المحتاجين بالشكل المعتاد.
في النهاية، يظل عيد الفطر في ليبيا مزيجًا بين التراث والتجديد، حيث تصارع العادات القديمة من أجل البقاء وسط متغيرات اقتصادية واجتماعية متسارعة.