الوطنية للنفط تواجه مهلة حرجة لسداد فواتيرها
في تقرير حديث نشره موقع “أفريكا إنتليجنس” الاستخباراتي الفرنسي، أُثيرت مخاوف جدية حول مستقبل المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بعد الإلغاء المفاجئ لنظام المقايضة. وبحسب التقرير، فإن هذا القرار وضع المؤسسة في حالة من عدم اليقين، حيث لم يتم الاتفاق حتى الآن على آلية تمويل بديلة تضمن استمرار عمليات الاستيراد ودفع الفواتير المستحقة.
وبحسب الموقع، فقد مُنحت المؤسسة الوطنية للنفط مهلة مدتها ثلاثة أشهر لتسوية التزاماتها المالية. وفي حال لم يتم تأمين التمويل اللازم بحلول يونيو المقبل، فقد تواجه البلاد نقصًا حادًا في الوقود، مما قد يؤثر على قطاع الكهرباء الذي يعتمد بشكل أساسي على المحروقات المستوردة عبر المؤسسة.
انخفاض مبيعات الخام الليبي والمصرف المركزي قلق
وأشار التقرير إلى انخفاض مبيعات النفط الخام الليبي خلال الأسابيع الأخيرة، حيث أرجعت المؤسسة الوطنية للنفط هذا التراجع إلى التقلبات الطبيعية في الأسواق العالمية. إلا أن هذا التراجع يأتي في وقت حساس، حيث يواجه مصرف ليبيا المركزي تحديات متزايدة نتيجة ضعف العائدات النفطية وتأخر تحصيلها، وهو ما دفعه إلى إبداء قلقه إزاء حالة عدم الاستقرار المالي الراهنة.
ديوان المحاسبة: المقايضة كبدت ليبيا 981 مليون دولار
وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، قد اتخذ خطوة وصفتها “أفريكا إنتليجنس” بأنها “مقامرة محفوفة بالمخاطر” عندما قرر إنهاء نظام المقايضة رسميًا في الأول من مارس. ويعود هذا القرار إلى مطالبة النائب العام بإنهاء النظام في يناير الماضي، بعد انتقادات وجهها ديوان المحاسبة، الذي كشف أن نظام المقايضة تسبب في تحميل المؤسسة الوطنية للنفط تكاليف إضافية بلغت نحو 981 مليون دولار أمريكي خلال عام 2023.
وتجدر الإشارة إلى أن نظام المقايضة كان يُمكّن ناقلات النفط الخام الليبي من استبداله بسفن تحمل الوقود المستورد، وهو ما ساعد في تأمين إمدادات الوقود للبلاد خلال السنوات الماضية. ومع إلغاء هذا النظام، باتت المؤسسة الوطنية للنفط أمام معضلة تتعلق بتوفير التمويل اللازم لاستيراد الوقود، خاصة أنها لا تستطيع تكرير سوى كمية محدودة من إنتاجها النفطي محليًا.
النفط الليبي في مفترق طرق بعد قرار سليمان
في ظل هذه التطورات، تنصل مسعود سليمان من ممارسات سلفه فرحات بن قدارة، وألقى بالمسؤولية على المصرف المركزي، مؤكدًا أن ناجي عيسى، محافظ المصرف، يجب أن يتحرك سريعًا لتوفير التمويل اللازم لمنع دخول البلاد في أزمة وقود جديدة. كما شدد على ضرورة اتخاذ قرار سريع بشأن ميزانية الدولة، والتي قد يتم تقسيمها بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب. ومع ذلك، لم يشر تقرير المصرف المركزي لشهر فبراير إلى أي ميزانية جديدة مخصصة لواردات الوقود، مؤكدًا أن الفواتير كانت تُدفع منذ عام 2021 عبر نظام المقايضة الملغى مؤخرًا.
ورغم الضغوط المتزايدة، لم تتوقف عمليات تسليم الوقود حتى الآن، حيث ظلت الإمدادات مستقرة خلال شهر مارس، وفقًا لما نقله “أفريكا إنتليجنس”. لكن مع اقتراب الموعد النهائي لسداد الفواتير، يظل التساؤل قائمًا حول ما إذا كانت ليبيا ستتمكن من تجنب أزمة وقود محتملة أم أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من الاضطرابات الاقتصادية.