في ظل التطورات الاقتصادية التي تشهدها ليبيا، وتوجه مصرف ليبيا المركزي نحو تعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار، ظهرت العديد من المواقف المتباينة داخل الأوساط الاقتصادية، كان أبرزها تصريحات عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي السابق، امراجع غيث، الذي أكد في حديث صحفي ضرورة عدم تعديل سعر الصرف في المرحلة الحالية.
أوضح غيث أن التوجه نحو تعديل السعر الرسمي للدولار ورفعه إلى 6.35 دينار، رغم حصوله على موافقة غالبية مجلس إدارة المصرف، يشكل خطرًا كبيرًا على احتياطات الدولة من العملة الأجنبية، وقد يتسبب في اهتزاز الثقة بالنظام المالي في البلاد، مشددًا على أن الاستقرار النقدي يعد أولوية قصوى في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا.
وأضاف أن استمرار ضريبة 15% على مبيعات النقد الأجنبي هو خيار منطقي، حيث من السهل إلغاؤها إذا سمحت الظروف، على عكس تعديل سعر الصرف الذي يصعب التراجع عنه بسهولة، وقد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق، خاصة في ظل تراجع الإيرادات النفطية، والانقسام السياسي الذي ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وفي حديثه عن السياسة المالية العامة، دعا غيث الحكومة إلى ضرورة ترشيد إنفاقها والاهتمام بتحصيل الإيرادات العامة، خاصة من خلال تفعيل أداء الأجهزة الجمركية والضريبية، بدلاً من الاستمرار في الاعتماد شبه الكامل على عوائد النفط المتقلبة. وأكد أن العشوائية في الصرف بين الغرب والشرق، وغياب الميزانية الموحدة، من أبرز مسببات الأزمة الحالية.
كما شدد على أهمية إصلاح منظومة الدعم الحكومي، من خلال تخصيص علاوة الأسرة للأسر الفقيرة فقط، وتحويل دعم المحروقات إلى بدل نقدي يُمنح مباشرة للمواطنين، بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحد من التهريب والفساد.
وفيما يتعلق بقرار تعديل سعر الصرف، أشار إلى أن الدولار لم يعد مجرد وسيلة لشراء السلع أو السفر، بل أصبح أداة للربح السريع داخل السوق المحلي، ما أدى إلى زيادة الطلب عليه بشكل غير مسبوق، خاصة من خلال بطاقات الأغراض الشخصية، التي تجاوزت تغطيتها بالدولار نظيرتها الخاصة بالاعتمادات التجارية.