في تصريحات حادة لرئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدولة، سعيد ونيس، كشف النقاب عن اختلالات هيكلية تُهدر المال العام وتُعيق عمل المصرف المركزي، مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية “لا يمكن حصرها في السياسة النقدية”. جاء ذلك خلال حديثه لـ”أخبار ليبيا 24″، حيث حمّل البرلمان والسلطات التنفيذية المسؤولية الكبرى عن الانهيار، معتبراً أن نهب الموارد يبدأ “قبل وصولها إلى الخزانة”.
أوضح ونيس أن اختصاصات محافظ المصرف المركزي تنحصر في السياسة النقدية، بينما تتجاوز الأزمة الحالية هذه الحدود لتشمل غياب تحصيل الموارد الأساسية مثل عائدات النفط والضرائب وقطاع الاتصالات. وتساءل: “كيف يُلام المحافظ على أموال لم تصل أصلاً للخزانة؟”، مشيراً إلى أن السلطات التنفيذية تتقاعس عن إيراد هذه الأموال، بينما البرلمان يغض الطرف عن الإنفاق غير المراقب.
انتقد ونيس دور مجلس النواب، واصفاً إياه بـ”المتفرج” على نهب المال العام، رغم امتلاكه سلطة الرقابة المالية. وأكد أن دعوة المحافظ للاستجواب “غير مجدية”، لأن الأزمة تتطلب مراجعة شاملة لسياسات الإنفاق والموارد. كما أشار إلى أن ديوان المحاسبة – المفترض أن يكون رقيباً – “غائب عن المشهد”، مما فتح الباب لصرفيات غير خاضعة للمساءلة.
طالب ونيس باتخاذ إجراءات جذرية، أبرزها، تعليق الصرف من المصرف المركزي إلا لسداد الرواتب، مراجعة منظومة المرتبات خلال ٤ أشهر لضبطها وإزالة الاختلالات، تفعيل دور ديوان المحاسبة لمراقبة الإنفاق الحكومي.
تعاني ليبيا من انهيار اقتصادي متصاعد، مع تذبذب أسعار الصرف وتراجع الخدمات الأساسية. ورغم أن المصرف المركزي يُحمّل غالباً مسؤولية الأزمة، إلا أن تصريحات ونيس تُسلط الضوء على جذور المشكلة في غياب الحوكمة وانتشار الفساد الهيكلي، ما يجعل الحلول النقدية غير كافية دون إصلاح مؤسسي شامل.