في مناخٍ من الترقب الحذر، تقترب اللجنة الاستشارية -المشكَّلة تحت مظلة الأمم المتحدة- من تقديم تقريرها النهائي بعد سلسلة من الاجتماعات المكثفة بين طرابلس وبنغازي. تأتي هذه الخطوة في ظل مشهد سياسي متشابك، حيث تُعاني ليبيا من تعثُّر المسار الانتخابي منذ إلغاء الاستحقاقات المقررة عام 2021، وسط انقسام حاد بين الشرق والغرب.
مهام اللجنة وتحدياتها
تشكَّلت اللجنة في فبراير الماضي بمشاركة 20 شخصية ليبية، بهدف تقديم حلول للقضايا العالقة، مثل قانوني الانتخابات الرئاسية والنيابية، وترشيح الشخصيات “المثيرة للجدل” التي كانت سببًا رئيسيًا في تعطيل الانتخابات السابقة. وفقًا لبيان البعثة الأممية، تسعى اللجنة لوضع “مقترحات فنية قابلة للتطبيق” لضمان انتخابات شاملة ومصداقية، لكن العقبات السياسية والأمنية تظل حاضرة بقوة.
انقسام الآراء حول الجدوى
بينما يرى بعض السياسيين أن اللجنة قد تمثل فرصة أخيرة لكسر الجمود، يذهب آخرون -مثل البدري الشريف من الهيئة التأسيسية للدستور- إلى أنها “إطالة للأزمة”، مؤكدًا أن الحل يكمن في الاستفتاء على الدستور أولًا. من جهة أخرى، طالبت تكتلات حزبية ليبية -تمثل 88 حزبًا- بعدم تمديد الفترة الانتقالية، وضرورة إشراك الأحزاب في صياغة القوانين الانتخابية بنسبة لا تقل عن 80% في البرلمان المقبل.
مطالب دولية ومخاوف محلية
أكد مصدر مقرّب من اللجنة أن نقاشاتها ركزت على “تفكيك الخلافات حول القوانين الانتخابية”، معربًا عن أملهم في “اختراق” نقطة ترشيح الشخصيات المثيرة للجدل. وفي سياق متصل، تسعى المبعوثة الأممية هانا تيتيه إلى حشد دعم إقليمي ودولي لتوصيات اللجنة، حيث ناقشت مع رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة التحديات الاقتصادية وأهمية حيادية المؤسسات الرقابية.
خريطة طريق أم مزيد من التعقيد؟
قدمت التكتلات الحزبية توصياتها للجنة، داعية إلى تشكيل “لجنة حوار سياسي” جديدة تعتمد على مخرجات الاستشارية، ووضع آلية لتنفيذ حكومة موحدة. كما أصرّت على أن يكون الاستفتاء الشعبي أداةً لحل الأزمات، تجنبًا لانقسامات الماضي. لكن مع استمرار الاضطرابات الأمنية وتباين المواقف، يبقى السؤال: هل ستنجح اللجنة في تقديم حلول عملية، أم ستدخل ليبيا في نفق انتقالي جديد؟
