طرحت النخب السياسية الليبية رؤية واضحة للخروج من النفق المظلم الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، مؤكدة في بيان جامع أن أي حلول يجب أن تنبثق من إرادة الشعب عبر مسار دستوري متكامل، بعيدًا عن الاستقطابات والضغوط الخارجية. وجاء البيان كإجماع نادر بين شخصيات سياسية وقانونية لتجاوز التعطيل المتكرر للعملية الانتخابية، مع وضع ضمانات صارمة ضد أي محاولات لاختطاف الشرعية.
الانتخابات بوابة الشرعية:
أكد البيان أن إجراء انتخابات برلمانية نزيهة تحت إشراف دولي محايد هو المدخل الوحيد لتجديد الشرعية السياسية، مشددًا على أن البرلمان الجديد يجب أن يُحدد عمره الزمني بسنتين كحد أقصى لمنع تكرار أزمات التمديد غير الدستوري. كما طالبت النخب بوجود آليات رقابية مشددة، تقودها البعثة الأممية بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات، لضمان شفافية الاقتراع وحماية نتائجه من التزوير أو التدخلات المسلحة.
حكومة الكفاءات.. نهاية للمحاصصة:
رفض البيان بشكل قاطع أي تشكيل حكومي قائم على المحاصصة الجغرافية أو الولاءات العسكرية، داعيًا إلى حكومة تكنوقراط من “شخصيات ذات كفاءة وخبرة” تعمل على توحيد المؤسسات المنقسمة وتحسين الخدمات الأساسية. وحذر من أن استمرار هيمنة مليشيات السلاح والفساد سيؤدي إلى انهيار كامل للدولة، خاصة مع تدهور الأوضاح المعيشية للمواطنين.
الدستور.. الاستفتاء الشعبي هو الفيصل:
أشار البيان إلى أن الجدل الدستوري المستمر منذ سنوات لن يُحسم إلا عبر استفتاء شعبي مباشر على النص الدستوري المكتمل، مع رفض أي تعديلات “مفاجئة” أو غير متفق عليها. واعتبر أن تأجيل هذه الخطوة يفاقم الفراغ القانوني، ويُبقي الباب مفتوحًا أمام تفسيرات سياسية تخدم أطرافًا بعينها.
تحذيرات من الانهيار:
لم يغفل البيان عن توجيه تحذير صريح لقوى داخلية وإقليمية تسعى لتعطيل المسار السياسي، ووصف هذه الممارسات بأنها “خنجر في خاصرة الشعب الليبي”. كما نبّه إلى خطورة التشريعات “المطعونة في شرعيتها”، والتي تُسنّ تحت تهديد السلاح أو بضغوط خارجية، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوات ستُفاقم الانقسام بدلًا أن تُعالجه.
دور المجتمع الدولي:
أثنت النخب على جهود البعثة الأممية، لكنها طالبتها بتحمل دور أكثر فاعلية في مراقبة الالتزام بالجدول الزمني للانتخابات، وعدم السماح بأي اختراقات. كما أشادت بدول اللجنة الاستشارية، معتبرة أن دعمها يجب أن يتركز على “بناء الثقة” عبر خطوات ملموسة، كإزالة الميليشيات وضمان حرية التصويت.