نداء عاجل من مركز القلب في تاجوراء: حياة مرضى الكلى في خطر
في تطور خطير يُنذر بكارثة إنسانية، أصدر المركز الوطني لعلاج وجراحة القلب في تاجوراء، شرق طرابلس، تحذيرًا من تداعيات استمرار انقطاع التوريدات الخاصة بتشغيل أجهزة غسل الكلى، والتي تُعد شريان حياة لآلاف المرضى في مختلف أنحاء البلاد. وأشار المركز، في بيان نشره على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، إلى أن التأخير الحاصل من قبل جهاز الإمداد الطبي، الجهة الوحيدة المسؤولة عن التوريد، بات يهدد حياة المرضى الذين يعتمدون على جلسات الغسل بشكل يومي.
وأوضح البيان أن المركز قد وجه عدة مخاطبات رسمية إلى جهاز الإمداد دون الحصول على أي استجابة، مشددًا على أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى توقف كامل للخدمة، ما سيعرض حياة المرضى لمخاطر جسيمة يصعب احتواؤها. ويعيد هذا النداء المتكرر فتح ملف الأزمات المتكررة التي تعاني منها مراكز وأقسام غسل الكلى في ليبيا، وسط غياب حقيقي للخطط الحكومية الفعالة وغياب الحلول الجذرية طويلة الأمد.
من جانبه، أكد حمود أبو دبوس، رئيس المنظمة الوطنية للتبرع بالأعضاء، أن معظم أقسام غسل الكلى في ليبيا تعاني من نقص حاد في المواد الأساسية والأدوية، مشيرًا إلى أن ما يزيد على 90 وحدة لغسل الكلى تعمل حالياً في ظروف شبه معدومة. وأضاف أن “المرضى يضطرون في كثير من الأحيان إلى قطع مسافات طويلة، بحثًا عن مركز يقدم خدمات العلاج، ما يزيد من تدهور حالتهم الصحية والنفسية”.
وأوضح أبو دبوس أن السلطات المسؤولة تتعامل مع الأزمة بعشوائية، من خلال إرسال كميات متقطعة وغير كافية من المستلزمات، محذرًا من أن الحل يكمن في بناء مخزون استراتيجي يغطي الحاجة لأكثر من عام. ولفت إلى أن المقترح الذي يسمح بتوفير 30% فقط من الاحتياجات لا يمكن أن يكون حلًا، بل عودة إلى نقطة البداية مع نهاية كل شحنة.
أما منال كُندي، والدة أحد المرضى، فأعربت عن خيبة أملها من الوعود الحكومية المتكررة، مؤكدة أن القرارات المعلنة قد تنقذ الجيل القادم، لكن الجيل الحالي يُترك ليواجه مصيره مع انقطاع المشغلات ومواعيد العلاج المتذبذبة. ورغم إشادتها بالكفاءات الطبية، إلا أنها تساءلت عن الجهة التي تتحمل مسؤولية طمأنة المرضى في ظل الخوف الدائم من توقف العلاج.
إلى جانب ذلك، كشفت الأزمة عن أوجه فساد في بعض مراكز غسل الكلى، كما أعلن النائب العام الليبي في فبراير الماضي، حيث تم تحويل مبالغ مخصصة لصيانة المراكز إلى حسابات شخصية. وفي يناير، أعلن أبو دبوس وفاة أكثر من 170 مريضًا خلال عام 2024، محملًا السلطات المسؤولية عن التقصير، رغم الميزانيات الضخمة التي بلغت أكثر من 13 مليار دينار خلال ثلاث سنوات دون أثر ملموس على أرض الواقع.
في ظل هذا المشهد المأساوي، تبقى حياة مرضى الكلى في ليبيا معلقة بين قرارات مؤجلة، وإمدادات لا تصل، وواقع صحي هش، لا يحتمل المزيد من التجاهل.