مركبة أمنية تدهس مشجعين وتواصل سيرها كأن شيئًا لم يكن
تحولت أجواء رياضية كان يفترض أن تكون متنفسًا للجماهير، إلى مشهد مأساوي عقب نهاية مباراة جمعت فريقي أهلي طرابلس والسويحلي ضمن منافسات الدوري الليبي لكرة القدم، بعدما وقعت حادثة دهس مروعة استهدفت عددًا من المشجعين، نُسبت إلى جهة أمنية رسمية، في واقعة أثارت موجة غضب عارمة في الشارع الليبي وعلى منصات التواصل.
وتداول ناشطون مقاطع مصورة تُظهر بوضوح مركبة أمنية تابعة لجهاز الدعم المركزي، تتحرك بسرعة قرب ملعب طرابلس الدولي، وتقوم بدهس مشجعين كانوا يغادرون المكان، دون أن تظهر في الفيديوهات مظاهر شغب أو عنف يبرر هذا التصرف.
الواقعة، التي وُصفت بأنها “متعمّدة وغير مبررة”، فجّرت سخطًا جماهيريًا، دفع بالبعض إلى الاشتباك مع قوات الأمن، مما أدى إلى اندلاع مواجهات تخللتها أعمال عنف وحرق لآلية عسكرية. وقد حمّل كثيرون على مواقع التواصل حكومة الدبيبة منتهية الولاية ووزارة الداخلية المسؤولية الكاملة، مطالبين بتحقيق عاجل ومحاسبة المتورطين.
نادي أهلي طرابلس يطالب بتحقيق شفاف وإنصاف الضحايا
في هذا السياق، أصدر نادي أهلي طرابلس بيانًا شديد اللهجة أدان فيه “الاعتداء الإجرامي”، واعتبره انتهاكًا صارخًا لسلامة المشجعين، داعيًا وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي إلى فتح تحقيق فوري وشفاف، ومحاسبة الجهة المسؤولة عن الحادثة.
الداخلية: الحادث تصرف فردي وسنحاسب المسؤولين
وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة ردّت بدورها على البيان والاتهامات، ووصفت ما حدث بأنه “تصرف فردي لا يمثل المؤسسة الأمنية”، مؤكدة مصادرة المركبة الأمنية المتورطة وتوقيف سائقها. كما أعلن الطرابلسي عن فتح تحقيق فوري وتعهد بعدم التهاون مع من يتجاوز حدود القانون، مشددًا على ضرورة حماية أرواح المدنيين خلال الفعاليات الرياضية.
الاتحاد الليبي يعبر عن قلقه ويدعو لضبط الملاعب
الاتحاد الليبي لكرة القدم بدوره، عبّر في بيان رسمي عن قلقه البالغ إزاء الأحداث، مؤكدًا رفضه التام لأي مظاهر للعنف داخل الملاعب أو محيطها، داعيًا إلى تعزيز آليات حماية الجمهور وتطوير المنظومة الأمنية المصاحبة للمباريات.
ورغم محاولة الجهات الرسمية تهدئة الغضب المتصاعد، إلا أن تداعيات الحادثة تُنذر بموجة مساءلة مجتمعية واسعة، خاصة في ظل تواتر حالات العنف المرتبطة بالملاعب الليبية خلال السنوات الأخيرة، ما يطرح تساؤلات عميقة حول جدوى الإجراءات الأمنية، ومدى تأهيل الأجهزة المعنية بالتعامل مع الحشود الرياضية.
ويخشى مراقبون من أن تؤثر الحادثة على مساعي استعادة الحياة الطبيعية في البلاد، لا سيما أن الدوري الليبي يُعدّ أحد الأدوات الرمزية القليلة التي تجمع المواطنين بعيدًا عن الانقسامات السياسية، لكن هذا التلاحم يتهدده العنف مرة أخرى.
ودعا أهالي الضحايا ونشطاء حقوقيون إلى تدخل النيابة العامة بشكل مباشر، والعمل على إرساء مبدأ المساءلة، وتقديم المسؤولين إلى العدالة، لمنع تكرار مثل هذه المآسي.
