فتح حادث دهس مشجعي مباراة الأهلي طرابلس والسويحلي، الذي نفذه عنصر من “جهاز الدعم المركزي”، جرحاً غائراً في بنية الأمن في طرايلس، ليُثير مجدداً تساؤلات حادة حول سياسة دمج الميليشيات المسلحة في مؤسسات الدولة.
على الرغم من سرعة اعتقال السائق وإصدار النيابة العامة أمراً بحبسه احتياطياً، إلا أن الإجراءات الأمنية لم تكن كافية لتهدئة الرأي العام. فالحادث ليس الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة انتهاكات ارتكبها عناصر من تشكيلات مسلحة مُدمجة في الأجهزة الرسمية، آخرها اتهام رئيس مركز شرطة في جنزور بـ”الاستغلال الجنسي”.
أكد النائب العام ، المستشار الصديق الصور، أن “الكثير من العناصر المنضوية في الأجهزة الأمنية صدر بحقهم أحكام قضائية”، مما يثير شكوكاً حول آلية تقييم العناصر قبل دمجهم. وأشار إلى أن بعض هؤلاء يحملون سجلات إجرامية، ومع ذلك تم منحهم سلطة على المواطنين.
وفي تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24″، حمّل وزير الدفاع الأسبق، محمد البرغثي، قادة التشكيلات المسلحة المسؤولية عن تدهور الأوضاع، قائلاً:
“تم تصعيد قادة غير مؤهلين لمناصب قيادية في وزارة الدفاع دون امتلاكهم الخبرة أو الكفاءة. هذه الترقيات السياسية أفقدت المؤسسة العسكرية هيبتها وقدرتها على حماية الوطن.”
وأضاف البرغثي أن “القيادات الأمنية يجب أن تكون لأصحاب الشهادات العلمية والخبرات المهنية، وليس للميليشيات التي تعتمد على الولاءات الشخصية.”
بدأ دمج الميليشيات بعد ثورة 2011 تحت شعار “إعادة الإعمار”، لكن النتيجة كانت كارثية. فبدلاً من بناء مؤسسات مهنية، تم تسليم مناصب حساسة لقادة ميليشيات، بعضهم متهم بالفساد أو العنف.
كشف البرغثي عن بيان متداول على مواقع التواصل، يُطالب فيه قادة بوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة منتهية الولاية بإقالة وزيرها المكلف وشقيقه رئيس “جهاز الأمن العام”، متهمين إياهم بـ”التمييز في الترقيات”. ورغم عدم تأكيد الوزارة للبيان، إلا أنه يعكس انهيار الثقة بين القيادات.
مع استمرار تدهور الأوضاع، يحذر خبراء من أن استمرار سياسة الدمج العشوائي سيفقد ليبيا آخر بقايا أمنها. ويطالب البرغثي بإصلاحات جذرية، قائلاً:
“لا مستقبل لليبيا دون إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بعيداً عن المحسوبيات.”
