ليبيا الان

الذكرى 11 لـ”فجر ليبيا”.. نقطة التحول في صراع العاصمة 

العنوان 

تحلّ اليوم الذكرى الحادية عشرة لانطلاق عملية “فجر ليبيا”، التي اندلعت في مثل هذا اليوم من عام 2014، عندما شنّ تحالف من مجموعات مسلّحة ذات توجهات إسلامية هجومًا واسعًا على مطار طرابلس الدولي والمعسكرات المحيطة به، في واحدة من أعنف المحطات التي شهدتها العاصمة منذ أحداث عام 2011. 

 

مطار طرابلس 

قاد العملية تحالف ضمّ تشكيلات عسكرية أبرزها درع ليبيا الوسطى وغرفة ثوار ليبيا، مدعومة بمجموعات مسلّحة من مصراتة والزاوية وغريان وصبراتة. واستهدفت الهجمات مواقع حيوية كانت خاضعة لسيطرة وحدات من الجيش الليبي، غالبيتهم من منطقة الزنتان، والتي كانت تؤمّن المطار منذ “تحرير طرابلس”. 

الهجوم جاء في سياق سياسي متوتر عقب انتهاء ولاية المؤتمر الوطني العام، وانتخاب مجلس النواب الجديد، ما عزز الانقسام بين مكونات المشهد السياسي الليبي آنذاك. 

 

دعم سياسي ورفض شعبي 

حظيت عملية “فجر ليبيا” بدعم سياسي من بعض الشخصيات المرتبطة بالمؤتمر الوطني العام، من بينهم رئيسه السابق نوري أبو سهمين والمفتي المعزول الصادق الغرياني، كما لقيت تأييدًا في بعض المناطق الغربية، خصوصًا في مصراتة. 

في المقابل، قوبلت العملية برفض واسع من الحكومة المؤقتة ومجلس النواب المنتخب، إضافة إلى استنكار شعبي داخل العاصمة طرابلس، حيث عبّر العديد من المواطنين عن رفضهم لتحويل مدينتهم إلى ساحة صراع مسلّح. 

 

خسائر جسيمة في المطار والبنية التحتية 

 

استمرّت الاشتباكات لأسابيع، وأسفرت عن دمار كبير في البنية التحتية. تعرض مطار طرابلس الدولي لتدمير شبه كامل، إذ احترقت صالة الركاب الرئيسية وعدد من الطائرات المدنية، وتضررت خزانات الوقود التابعة لشركة البريقة لتسويق النفط، ما أدى لاشتعالها لعدة أيام. كما لحقت أضرار بالغة بالمباني المحيطة وسُجل سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. 

 

سيطرة على العاصمة واقتحام قنوات 

 

في 24 أغسطس 2014، انسحبت القوات المتمركزة في المطار، لتسيطر عليه قوات “فجر ليبيا” بشكل كامل، وسط مشاهد دمار واسعة. في اليوم ذاته، اقتحمت عناصر تابعة للعملية مقر قناة العاصمة وأوقفت بثها، مع العبث بالمعدات وتهديد العاملين، إلى جانب إحراق منزل مالكها. 

كما تم اقتحام مقري قناتي ليبيا الوطنية والرسمية، وبُثّت منهما خطابات مؤيدة لـ”فجر ليبيا”، ما دفع الحكومة المؤقتة إلى مخاطبة إدارة “نايل سات” لوقف بث القناتين على القمر الصناعي. 

 

الهجوم على المرافق الحيوية والهلال النفطي 

 

في ديسمبر 2014، امتد التصعيد إلى خارج العاصمة، حيث شنت مجموعات منضوية تحت “فجر ليبيا” هجومًا على محطة الكهرباء البخارية غرب سرت، ما أسفر عن مقتل 19 جنديًا. كما استهدفت العملية منطقة الهلال النفطي شرقي البلاد، وأطلقت قذائف على ميناء السدرة، ما تسبب في اندلاع حريق ضخم داخل خزان للنفط، امتد إلى سبعة خزانات أخرى تحتوي على أكثر من 6 ملايين برميل من الخام. 

استغرقت فرق الإطفاء عدة أيام لإخماد الحريق، في واحدة من أكبر الخسائر التي لحقت بقطاع النفط الليبي منذ عام 2011. 

 

تصنيف إرهابي وإدانة دولية 

 

في 25 أغسطس 2014، أعلن مجلس النواب الليبي تصنيف جماعتي “فجر ليبيا” و”أنصار الشريعة” كـتنظيمات إرهابية خارجة عن القانون، داعيًا القوات المسلحة إلى التعامل معها كأهداف مشروعة، ومؤكدًا دعمه الكامل لمؤسسات الدولة الشرعية في مواجهة التمرد المسلح. 

وفي فبراير 2015، أصدرت حكومات كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها من تصاعد أعمال العنف في ليبيا، وأدانت بشكل خاص الهجمات على منطقة الهلال النفطي، محذّرة من أن التنظيمات الإرهابية هي المستفيد الوحيد من استمرار الفوضى. 

 

بعد 11 عامًا: أثر لا يزال قائمًا 

وبعد مرور أحد عشر عامًا، لا تزال تداعيات “فجر ليبيا” واضحة في المشهد الليبي، إذ كانت بداية فعلية لانقسام سياسي وأمني عميق، مهّد لظهور سلطتين متنازعتين وتعطيل مؤسسات الدولة. كما ساهمت العملية في تقوية نفوذ الجماعات المسلحة، وتراجع دور المؤسسات الأمنية الرسمية، ما أضعف قدرة الدولة على بسط سيادتها. 

ورغم محاولات متكررة للمصالحة الوطنية وتوحيد المؤسسات، فإن المشهد الليبي لا يزال يعاني من آثار تلك المرحلة. وتشير الوقائع إلى أن عملية “فجر ليبيا” مثّلت نقطة تحول جوهرية في مسار الدولة، وأبرزت الحاجة الماسة لبناء جيش موحد تحت سلطة مدنية، واستعادة مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، تضمن عدم تكرار مثل هذه السيناريوهات التي كلفت البلاد استقرارها ومستقبلها. 

 

يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة العنوان الليبية